وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)(٦٢)
* * *
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) :
توحي «ليجزي» هنا ، المفرّعة ـ كغاية ـ على (لِلَّهِ ما فِي ..) أن الجزاء على السيئة والحسنة في العقبى من غايات ونتاجات الملكية المطلقة الإلهية لما في السماوات والأرض ، ترى ان الذي يملك الأولى ، ألا يملك الأخرى؟ نعم وبأحرى ، كما وان الجزاء من غايات ونتاجات علمه تعالى بالغيوب كلها : (.. عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ. لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ. وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (٣٤ : ٥٠). ومن ناحية أخرى إن من الأهداف الرئيسية في خلق السماوات والأرض ومن فيهما ان يعبد الله : (ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ومن ثم الجزاء : السيئة بمثلها والحسنة بالحسنى ، فملكية السماوات والأرض في الأولى ، دليل على الملك في الأخرى على الجزاء ، وعلمه بالأعمال كلها وخلق الخلق ، ولكي يعبد الله ، دليل على لزوم تحقيق الجزاء : عدلا للذين أساءوا إذ يجزون بما عملوا ، وفضلا للذين أحسنوا إذ يجزون بالحسنى : وهي الأحسن مما عملوا وأقلها عشر : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٦ : ١٦) ، وإذا كانت الحسنة كبيرة سلبا أو إيجابا (١) فهي تكفر السيئات اللّمم ، إضافة إلى جزاءها بالحسنى ، ثم وهناك زيادة على الحسنى المرسومة : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)
__________________
(١) سلبا يعني ترك كبائر السيئات وإيجابا : فعل كبائر الحسنات.