قبيحة (١) وكما «يخشى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على أمته أن تزكي أنفسها» (٢) «ولا يزكى على الله أحد» (٣) إلّا من يزكيه الله ، أو يعرف زكاته عند الله ، فيما يرضاه الله.
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى. وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى. أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى. أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى. وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى. وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى).
توحي هذه الآيات أن هذا الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى ، هو الذي ألقى وزره على وازرة أخرى ، كأنها تتحملها عنه ، فلذلك «تولى» عما يتوجب عليه فعله أو تركه (وَأَعْطى قَلِيلاً) : فيما أعطى ، قبل أن يتولى ، إذ كان ينفق كفارة لسيئاته رجاء أن تعفى ، وبعد ما تولى ، أعطى لمن يزعمه أنه يزر وزره بعد هذا «وأكدى» : قطع ما كان ينفقه من ذي قبل.
فالآيات الست الأخيرة تنديدات بهذا المتولى المكدي ، وبكلّ من حذى حذوه ، من الذين لا يعملون صالحات ، ثم يأملون الثواب من أعمال غيرهم ، أو من ادعائاتهم أنهم يتحملون أوزارهم : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ.
__________________
(١) في معاني الاخبار للصدوق باسناده الى جميل بن دراج قال سالت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) قال : قول الناس : صليت البارحة وصمت أمس ونحو هذا ، ثم قال : ان قوما كانوا يصبحون فيقولون : صلينا البارحة وصمنا أمس فقال علي (ع) لكني أنام الليل والنهار ولو أجد بينهما شيئا لنمته.
وفي احتجاج الطبرسي عن علي (ع) ولو لا ما نهي الله عن من تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تمحها آذان السامعين.
(٢) حم ٤ : ١٧١
(٣) خ ادب ٥٤