عجزت حيلته فيهم ، فتجاوب الوحيان ، من نوح : (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) (٧١ : ٢٧) وقوله تعالى : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ) (١١ : ٣٦)(فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ) :
وما أن تم دعاء الإنتصار ، ارجاعا لأمر المرسل إليهم إلى المرسل العزيز القهار إذا بأمر الجبار الى الكون ان يعجل بالانتصار ، اشارة عاجلة الى عجلته ان تعجل وتخرق عادتها فتغرق هؤلاء الكفار :
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)
ترى إن في السماء أبوابا أغلقت على مياهها؟ أقول : نعم وكما لها أبواب لغير الماء ، مهما اختلفت أبواب عن أبواب ، اختلاف ما خلفها من رحمة او عذاب ، فلكل باب حسبه ، ولكل فتح حسبه ، وعل من أبواب ماء السماء أبواب الجاذبية ، والضغوط الجوية ، والظروف الحرارية : أن سهل سبل بخارها وامطارها حتى لا يحبسها حابس ، ولا يكبسها كابس ، إزالة للعوائق عن مجاري مياهها فأصبحت كحبيس فتح عنه بابه ، او معقول اطلق عنه عقاله.
«ففتحنا» بجمعية الصفات القهارة (أَبْوابَ السَّماءِ) سماء الماء (بِماءٍ مُنْهَمِرٍ): غزير متوال جارف غير مجازف ، فانهمر بما همرناه وصببناه ، ماء ليس من نصيب الأرض رحمة لها ، وانما إصابة ودمارا عليها وغرقا لأهلها إلا الصالحين : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ).
هذه مياه السماء المنهمرة ، ثم تجاوبا بها ـ بأمر هامرها وآمرها في ذلك الطوفان ـ مياه الأرض المختزنة فيها ، اضافة الى عيونها الظاهرة :
(وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ) كل الأرض «عيونا» ويا لها من عيون! حيث استجابت