فلما ذا يكون هو هذا الواحد؟ فليكن كل واحد منا رسولا لنفسه ، أو وإلى غيره أيضا : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) (٧٣ : ٥٢) أم إذا لا يبعث إلّا واحد ، فكيف يلقى عليه الذكر من بيننا ، وهو لا يملك عدة ولا عدة ، ونحن العدة ولنا العدة؟ : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٤٣ : ٣٢)؟ وهم يريدون أن يقسموا المعايش الروحية في الحياة العليا! وأين حياة من حياة ، ورزق من رزق؟!.
ومن هذه الشبهات الواهية يتخطون تركهم لاتباع الرسل إلى تكذيبهم الأشر : (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ)! : مبالغ في الكذب والبطر : الفرح والفخر والمرح ، فالفرح المذموم شديده البطر وأشده الأشر ، فقد وجه إلى هذا النبي العظيم أشد التهم ، ولكي يسقطوه عن أعين الناس ، ويتذرعوا به إلى التخلف الشرعي عنه! ولكن :
(سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) : فإن الغد سوف يكشف عن من هو الكذاب الأشر كشف الواقع ، طالما هو المكشوف اليوم عند من لم يغرب عقله ، ومن الغد:
(إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ. وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ. فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ).
والناقة هذه آية إلهية أرسلت فتنة لهم : حجة واختبارا ، وكما اقترحوها (١)
__________________
(١) روضة الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع). في حديث حول الآية : فبعث الله إليهم صالحا فدعاهم فلم يجيبوه وعتوا عليه عتوا وقالوا : لن نؤمن لك حتى تخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء وكانت الصخرة يعظمونها ويعبدونها ويذبحون عندها في رأس كل سنة ويجتمعون عندها فقالوا له : ان كنت كما تزعم نبيا رسولا فادع لنا إلهك حتى يخرج لنا من هذه الصخرة الصماء ناقة عشراء فأخرجها الله كما طلبوا منه الحديث.