١ ـ تأويلهم للآيات النافية للتحريف
ولم تستطع الآية الكريمة (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (١) ثنيهم عما ادعوه لذهابهم إلى عدم حجية ظواهر القرآن بدعوى أن كلام الله تعالى أعز من أن تناله وتدركه عقولنا! فصار الظاهر من المتشابه الذي يوكل أمره إلى الله ، والآية الكريمة من هذا النحور ، فيجب أن يرجع إلى الروايات لمعرفة معناه ، والروايات التي فيها ما فيها تقول : إن القرآن محرف ، فيجب تأويل الآية المباركة!
وحتى لو قالوا بحجية الظاهر فقد نوقشت دلالة ظاهر الآية الكريمه على حفظ القرآن من التحريف ، فقال أحدهم :
وفيه أنّ كون أصل القرآن الذي نزل به الروح الأمين على خاتم النبييين صلى الله عليه وآله وسلم محفوظا عند الأئمة الذين هم خزّان علم الله وكهوف كتله ، يكفي في صدق الآية ولا دلالة فيها على كون ما بأيدينا محفوظا كما لا يخفى ، مضافا إلى احتمال أن يكون المراد أنه سبحانه يحفظه إلى آخر الدهر ، بأن بعث جماعة يحفظونه ويدرسونه ويشهرونه بين الخلق ، فتحفظه الأمة ، ونتاولته الأيدي قرنا بعد قرن إلى يوم القيامة ، لقيام الحجة به على الخلق وكونه معجزة النّبوة ، وهذا كله بعد الغضّ عن رجوع الضمير في (لَهُ) إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وإلا ـ كما ذهب إليه الفرّاء ـ فيسقط
__________________
(١) الحجر : ٩.