والآن ، كيف تنسجم هذه الروايات مع ذهبوا إليه من بعثرة القرآن على أكتاف الإبل وعلى الحجارة وفي صدور الرجال؟ ، وما حيلتنا مع من يلقي ضلال الشك والريبة على كتاب الله فقط لإثبات فضيلة لفلان وفلانة؟!، والأغرب هو ادعاؤهم أن أول من أطلق لفظ (مصحف) على القرآن الكريم هم الصحابة بعد أن فرغوا من جمع القرآن في عهد أبي بكر!
أقوال علماء أهل السنة في أن القرآن جمع في عصر النبوة
قال ابن حزم الأندلسي : وقول رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إذ نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو لئلا يناله العدو. وقوله تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً ـ فيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) (١). وكتاب الله تعالى هو القرآن بإجماع الأمة ، وقد سمى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم المصحف قرآنا ، والقرآن كلام الله تعالى بإجماع الأمة ، فالمصحف كلام الله تعالى حقيقة لا مجازا ويسمى المستقر في الصدور قرآنا ونقول : إنه كلام الله تعالى ، برهاننا على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إذ أمر بتعاهد القرآن وقال عليه السلام : إنه أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقلها. (٣)
وقال في الإحكام : فلم يمت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلا والقرآن مجموع كما هو مرتب ، لا مزيد فيه ولا نقص ولا تبديل ، والقراءات
__________________
(١) البينة :١ ـ ٣.
(٢) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣ : ١٥.