ولكنه لا يصدقه ولا يقتنع به ، فهذا كفر ، وأما لو أخطأ في فهم ما أخبر به الله عزّ وجلّ وصار إلى غيره ، مع كونه يرجو موافقة كلام الله عزّ وجلّ ، فهذا خالف كتاب الله عزّ وجلّ لجهله وهذا لايكفر ، والأَخبارية هم من هذا القسم بالنسبة للآيتين ، وهذا لأمرين :
الأمر الأول : عدم حجية الظاهر عندهم
مر سابقاً أن الأخبارية يقولون بعدم حجية ظواهر القرآن؛ لأن القرآن لا يفهمه إلاّ من خوطب به ، وهم الرسول وآل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
لذا فإن مراد الله عزّ وجلّ من الآيتين الكريمتين غير معلوم عندهم ، فلا يصح اتهامهم بجحد وتكذيب ما أخبر به الله عزّ وجلّ ، وهذا يجري على كثير من علماء الإسلام الذين أخطأوا في فهم آية أو حكم من آية ، نحو من يقول بعدم جواز رؤية الله عزّ وجلّ يوم القيامة مع ما يخبر به الظاهر الساذج لهذه الآية : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (١) ، وكذا شبيه قول من يدعي تحقق رؤية المؤمنين له يوم القيمة سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا مع أن الله عزّ وجلّ يخبر في الحكم من كتابه أنه لا تدركه الأبصار ، قال تعالى : (لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (٣). ويقول :
__________________
(١) القيامة : ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) الأنعام : ١٠٣.