إذن : «كان بلا كينونة ، كان بلا كيف ، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف ، كان ليس له قبل ، هو قبل القبل بلا قبل ، ولا غاية ولا منتهى ، انقطعت عنه الغاية وهو غاية كل غاية» (١). ترى «ومتى لم يكن حتى يقال متى كان؟ كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ..» (٢) .. وإذا سألت «أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضا؟ فالجواب : «أين» سؤال عن مكان ، وكان الله ولا مكان» (٣).
ف «هو كائن بلا كينونة كائن ، كان بلا كيف يكون» (٤) : تفارق كينونته تعالى سائر الكينونات تفارق التباين التام ، إذ ليس له بدء ولا زمان ولا مكان ولا تحول من حال الى حال ، بل لا تكون له حال.
هذه هي الأولية اللائقة بجناب عزه ، الأزلية اللاأولية ، أو والأولية في الخالقية والتقدير ، فليس معه خالق ولا بعده أو قبله ، ومهما كان خلقه في زمان
__________________
(١) الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه قال : اجتمعت اليهود الى رأس الجالوت فقالوا له : ان هذا الرجل علم يعنون أمير المؤمنين (ع) فانطلق بنا اليه نسأله ، فأتوه .. فقال له رأس الجالوت : جئناك نسألك ، قال : سل يا يهودي عما بدا لك ، فقال : أسألك عن ربك متى كان؟ فقال : ... فقال رأس الجالوت : امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه.
(٢) بنفس الاسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبيه الحسن الموصلي عن أبي عبد الله (ع) قال : جاء حبر من الأحبار الى أمير المؤمنين (ع) فقال : يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ فقال : ... فقال يا أمير المؤمنين أفنبي أنت؟ فقال : ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد (ص).
(٣) فيه وروي أنه سئل الصادق (ع) أين كان ربنا ...
(٤) الكافي باسناده عن أبي عبد الله (ع) قال رأس الجالوت لليهود : ان المسلمين يزعمون أن عليا من أجدل الناس وأعلمهم ، اذهبوا بنا اليه لعلي أسأله عن مسألة وأخطئه فيها فأتاه فقال : يا أمير المؤمنين! اني أريد أن أسألك عن مسألة ، قال : سل عما شئت ، قال : متى كان ربنا؟ قال له : يا يهودي! إنما يقال متى كان لمن لم يكن فكان متى كان ، هو كائن بلا كينونة كائن ، كان بلا كيف يكون ، بلى يا يهودي ، ثم بلى يا يهودي ، كيف يكون له قبل ، هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية إليها ، انقطعت الغايات عنده ، هو غاية كل غاية ، فقال : أشهد أن دينك الحق وأن من خالفك باطل.