انهم ليسوا بمسيحيين أيضا إذ رفضوا بشارته وتركوا وصيته في محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وأما الذين آمنوا به فهم حقا مسيحيون ومسلمون إذ آمنوا به تطبيقا لوصية السيد المسيح عليه السّلام.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) :
المفترون على الله الكذب فرق شتى ، بين مفتر لا يعلم ، ومتجاهل يعلم ، وعالم لا يجهل ولا يتجاهل ، وإنما يفتري علما وعنادا فلا أظلم منه ، ومنهم من يدعى إلى الإسلام ، بحجة البشارات الصادقة لرسول الإسلام ، وبسائر الحجج القاطعة للأعذار ، ورغم كل ذلك يفتري على الله الكذب ، في تكذيب رسوله المبشر به من قبل ، وتكذيب رسالته التي تحمل كافة بينات الصدق ، فمن أظلم منه (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) إذ لا يريدون الهداية ويرفضون الهداة.
(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) :
نور الله هنا هو الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فإنه نور الأنوار الرسالية ، وهو القرآن :
(فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٧ : ١٥٧) (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٩ : ٣٢).
والفرق بين «ليطفئوا» و «أن يطفئوا» أن في الأول الإرادة واجهة لأمر يتوصلون به إلى إطفاء نور الله ، كنكران البشارات ، وتسحير المعجزات ، ولكي يطفأ النور المحمدي ، وفي الثاني القصد إلى إطفاء نور الله بالقضاء على النبي ودعوته قصدا بالذات.
فرغم محاولات الكافرين وحيلهم في إطفاء نور الله ، ان الله حتم على نفسه