إبقاء نوره وإتمامه ، وكما نرى البشارات المحرّفة بأيدي الدس والتحريف ، انها تدلّ على تحرّفها ، وتدلّ من خلاله دلالات بيّنة على صاحب الرسالة السامية محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وتفضح المحرفين ، فالذين حوّلوا (بيركلتوس) : أحمد ـ إلى (باركلتوس) : المسلي ، لكي يحوّلوه عن أحمد الرسول إلى مسلي الروح ، فهل باستطاعتهم تحويل صفاته وسماته إلى غيرها؟ لذلك ظلّت هذه البشارة الأحمدية مشرقة دائبة خارقة ظلمات التحريف والتجديف! وهي الإرادة ليطفئوا نور الله ، وكذلك إطفاءه بالقضاء على الدعوة الإسلامية ، فإنها مطلّة على العالم أجمع وطالعة ما طلعت الشمس وغربت ، لا تطفئ نوره ولا ذاته وصفاته.
إنه نص يرثي الكافرين مستهزئا بهم ، فما قولهم بأفواههم (هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) إشارة الى المعجزة التامة الكافلة ، إلا كمن يحاول إطفاء نور الشمس بنفخة من فيه ، فما أفضحه وأعجزه من هؤلاء الضعاف المهازيل!.
فالنار هي التي تطفأ مهما طالت زبانيتها ، ولكنما النور ، المستمدة من نور الله وإرادته ، إنها ليست بالتي تطفأ ، وإنما تزداد إشراقا وتهاما رغم تطاول الإطفائيات الطائلة الجاهلة ، مهما يخيّل للطغاة الجبارين ، وللأبطال المصطنعين بأيدي وعلى أعين الصليبيين والصهاينة المجرمين ، أنهم بالغوا هذا الهدف البعيد.
ترى ان الله تطفأ ذاته النورية بإطفاء الكافرين؟ فكذلك نوره ، فإنه طالع من مطلع ليس له أفول وهو الحضرة الإلهية : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ. رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (٢٤ : ٣٧).