ومن أرجل وأبطل هؤلاء الرجال الأنوار ، الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته الطاهرون المعصومون كما وردت بذلك متواتر الآثار.
إنه ليس إتمام النور المحمدي بإبقاء شخصه حيّا ، ولا ببقاء دينه حينا سليما عن النقص والنقض ، وإنما هو إظهاره على الدين كله : أن يحكم العالم أجمع ولو كره الكافرون والمشركون :
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (هُوَ الَّذِي ... وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤٨ : ٢٨).
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ) : كأنه الرسول لا سواه ، فمن هكذا إضافة يستفاد الحصر ، ولأنه يحمل الرسالات الإلهية وزيادة خالدة (بِالْهُدى) : كل الهدى التي تتطلبها وتحتاجها الحياة العقلانية وأضرابها على طول الخط ، دون نقص أو نسخ (وَدِينِ الْحَقِّ) : دين للحق : الثابت ـ لا «الدين الحق» لأن رسل الله كلهم مرسلون بالدين الحق ، ف «دين الحق» هو الثابت من الدين الذي ليس له دور خاص ولا جماعة خاصة ، فدوره شامل ما دامت هذه الحياة قائمة ، وجماعته هم المكلفون أجمعون ، حق بكافة معانيه : ثبوتا وجاه زلازل التشويهات والتمزيقات والتحريفات ، وثبوتا تجاه النسخ بشريعة اخرى إلهية ، فإنه لا شريعة بعده ، فهو حق يجري في مجاري الحياة جري الشمس.
فلقد حرفت الكتب الإلهامية الاخرى ، وانتهت لحال لا تصلح معها لشيء من قيادة الحياة ، وحتى لو ظلت سليمة عن التحريفات ، فهي نسخة سابقة مؤقتة لأدوارها المحددة لها ، لا تشمل كافة طلبات الحياة المترامية الأطراف ، المتجددة دائبة ، فليست هي «دين الحق» مهما كانت «الدين الحق».
و «دين الحق» هكذا يستحق الظهور على الدين كله ، وكما جعل غاية لحقه : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) : على الدين الباطل كله : الطاعة الباطلة ، وهي شرعة