الشيطان ، وعلى الدين الحق كله (١) ، إذ ينسخ الشرائع كلها ، ويكمّلها ، فلا يبقى دين إلا دين الإسلام ، وكما وعدناه في دولة القائم المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السّلام الذي به يملأ الله الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا.
إن جذور ومؤهلات هذه الغاية متواجدة في شريعة الإسلام ، مهما لم تتحقق زمن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وخلفائه حتى الآن ظهورا على الأديان ، ولكنها سوف تتحقق في الدولة المحمدية الأخيرة التي يبتدء بها مؤسسا لها حفيده المهدي المنتظر عليه السّلام (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) : ظهورا وغلبا شاملا بدينه وكتابه ، وبشخصيته الرسالية ، مهما قضى شخصه نحبه ، وانقضى دوره كشخص ، ولكنه مستمر في دعوته ، في كتابه وكيانه ، في خلفائه الأوصياء الأوفياء ، فيمن تخضع له الأمم كما بشرنا به في كتابات السماء (٢).
إن الديانات الاخرى ، من حق وباطل ، ليست لها مؤهلات الغلبة الشاملة ، وتأسيس دولة موحدة عالمية ، لا في ذواتها ، ولا في زعاماتها ، ولكنما الإسلام يملك هذه الأهلية فيهما معا ، فدستوره العالمي هو قرآنه الكامل ، الحافل لكافة متطلبات الحياة ، وقيادته العالمية هي الظاهرة في رسوله وأوصيائه ، والباهرة أخيرا في القائم المهدي عليه السّلام (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) : الذين يشركون بالله في طاعته وعبادته ، في دينه وحكمه ، فليحكم دين الله وحده ، ظاهرا على الدين كله (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) إذ يشهد في كتاباته ببشارات تتلاحق بحق هذا الدين وهذا الظهور ، وإذ يشهد بما يؤيد أهل هذا الدين فيما يأملون ، من كانوا يعلمون ويعملون ، (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
__________________
(١) تفسير البرهان ٤ : ٣٣٠ ـ عن أبي الفضيل عن أبي الحسن الماضي (ع) في الآية قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم (ع).
(٢) راجع (رسول الإسلام في الكتب السماوية) تجد فيه بشارات عدة بشأن القائم المهدي (ع).