إن الإسلام ليس فكرا أو نظرية في بطون الكتب ، تترسمها الأجيال فيعيشوا الخيال بعيدا عن الواقع ، إنما هو دين الحياة الواقعة ، حقيقة في عالم الواقع ، ما تزال هذه الحقيقة تنبعث بين حين وآخر ، وتنبض وتنتفض قائمة على جذورها المجردة عن الأباطيل ، رغم كل ما جرّد على الإسلام والمسلمين من كيد وحرب وتنكيل ، وظهرت قوة وحقيقة ونظاما على سائر الدين قدر ما أظهرتها جماعتها ، فدانت لها معظم الرقعة العامرة مدى قرون من الزمن .. وإلى أن يدين لها كل المعمورة طوعا أو كرها بقوة النور والنار ، طوع الأبرار وكره الأشرار (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ الْمُشْرِكُونَ).
إن إتمام نور الإسلام ليس إلا في زمن يشمل العالم كله ، فيرتفع فيه علم الإسلام مرفرفا لا ندّ له ولا ضد ، وكما سمع علي عليه السّلام يقول تفسيرا لهذه الآية : (كلا والذي نفسي بيده حتى لا يبقى قرية إلا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بكرة وعشيا) (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) :
__________________
(١) تفسير العياشي بالإسناد عن عمران بن هيثم عن عباية انه سمع أمير المؤمنين (ع) يقول في الآية : أظهر ذلك بعد؟ قالوا : نعم. قال : كلا ...
وعن ابن عباس في الآية قال : لا يكون ذلك حتى لا يبقى يهودي ولا نصراني ولا صاحب ملة إلا صار الى الإسلام ، حتى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان والحية ، حتى لا تقرض فارة جرابا وحتى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، وهو قوله تعالى : «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» وذلك يكون عند قيام القائم (ع).
وعن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (ع) في الآية قال : يظهره الله عز وجل في الرجعة(تفسير البرهان ٤ : ٣٣٠).