ولو لا العزة والغلبة الإلهية لم تكن هناك بلوى ولا حسن الأعمال ، فبعزته خلق الموت والحياة ، وبعزته يحافظ على الأحياء والأموات ، وعلى الأرواح والأجساد ، وعلى أعمال الإنسان ، وبعزته يجازي كلّا على عمله ، إذ لا يفوته من أساء.
ولولا مغفرته كانت الحياة الأخرى كلها بلاء وعذابا ، ولكنه يغفر ما دامت
__________________
ـ بها ، وواعظا لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد ، ورادعا عن الشرور لمن أراد الحياة سالمة غير منغصة وان لم يؤمن بالآخرة ، وباعثا على التقوى لمن آمن بالله واليوم الآخر!.
وللحيوان : لو ان بيضات الأسماك (البطروخات) صارت كلها اسماكا ولم تمت ، لأصبحت البحار جامدة من زحامها ، فامتنعت الحياة عليها كلها.
ولو ان الجراثيم استمرت على التوالد خمسة ايام دون انقطاع ولا موت لملأت المحيط الى عمق ميل ، فكيف الحياة؟!
ولو ان ميكروب الوباء (الكوليرا) ـ الذي يتضاعف كل عشرين دقيقة ـ لو مضى عليه يوم واحد دون عائق ، لبلغ وزنه ٧٣٦٦ طنا ، وعدده رقم ٥ مع ٢١ صفرا ، فأين الحياة!
ان بعض المحار في البحار تبيض الواحدة منها ستين مليونا ، لو بقيت انسالها بين عام وعامين لزادت على الكرة الارضية ، فكيف الحياة!
والذباب الذي ينغص عيش الإنسان ، تبيض أنثاه خمس او ست مرات ، في كل مرة ١٢٠ ـ ١٥٠ بيضة ، فلو عاشت دون موت لم يعش على وجه الأرض انسان ولا حيوان!
فلو لا الموت لم تكن حياة ، وانه يتبنى الحياة مادية ومعنوية ، خلقية وخلقية ، (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) سبحان الخلاق العظيم ، فهل لا يستحق الموت ـ إذا ـ ان يحتل الرتبة السابقة على الحياة : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ)؟ فان الموت رحمة للأحياء وللأموات!.