ثم اللبدة الثانية هم المؤمنون الأوّلون الذين كادوا يراكبونه كاللبد تزاحما عليه ، وتدانيا اليه ، واحتذاء لمثاله ، واستماعا لمقاله (١).
ثم الثالثة هم رسل الجن إذ سمعوا القرآن حيث قام بقراءته عليهم ، فأخذوا ودهشوا وتجمعوا على عبد الله ورسوله ، بعضهم لصق بعض ، كلبد الأسد (٢).
فمهما كانت لبده فهو الأسد ، على الكافرين إذ لا ينهزم من حشودهم ، وللمؤمنين إذ يقوم لصالحهم ، أسد في الخير والشر ، لا يعرف الجبن والخوف طوال رسالته وهكذا يجب أن يكون المؤمنون به لكي يسودوا الأمم.
(قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً. قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً).
__________________
ـ الآية قال : لما قام رسول الله (ص) يقول لا اله الا الله ويدعو الناس الى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعا ، واخرج عبد الرزاق وغيره عن قتادة في الآية : تلبدت الانس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله الا ان ينصره ويظهره على من ناواه.
(١) الدر المنثور ٦ : ٢٧٥ اخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم وابن حرير وابن مردويه والضياء في المختار عن ابن عباس في الآية : لما أتى الجن على رسول الله (ص) وهو يصلي بأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه فقالوا لقومهم (لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً).
(٢) الدر المنثور ٦ : ٢٧٤ اخرج ابو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال : خرج علينا رسول الله (ص) قبل الهجرة الى نواحي مكة فخط لي خطا وقال : لا تحدثن شيئا حتى آتيك ثم لا يهولنك شيء تراه ، فتقدم شيئا ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط وكانوا كما قال الله تعالى (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً). وعن ابن عباس قال : لما سمعوا النبي (ص) يتلوا القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن ودنوا منه ..