(لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) الأذن التي تعي الحقائق الناصعة إنها تعي آية سفينة نوح ، بما على لوحتها من آيات ، وأوعى الآذان آذان النبيين ، وأوعاها بينهم جميعا أذن الرسول الأقدس محمد عليه السلام. فحياته وعي للحقائق دون نسيان ، ويخلفه في وعيه الشامل أذن علي عليه السلام. وعلى حد قوله (ص) لما نزلت آية الأذن ، «سألت ربي أن يجعلها أذن علي قال مكحول فكان علي يقول : ما سمعت من رسول الله (ص) شيئا فنسيته» (١) وعن علي (ع): ضمني رسول الله (ص) وقال : أمرني ربي أن أدنيك ولا أقصيك وأن تسمع وتعي (٢)
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (١٧) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ)(١٨)
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) هي الأولى من نفختي الإماتة والإحياء والواحدة توحي بنفاذها وسرعتها وشدة مفعولها دون مهل ولا فشل ، نفخة وصرخة تسمع أعماق الكائنات وتصرعها وتمحقها كأن لم تكن ، وعلى أثر هذه النفخة المدمرة :
(وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) : نفخة واحدة تخلق دكة واحدة ، واحدة في عدها ، مزدوجة في شدها ومدها : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) (٨٩ : ٢١) : يسمع منها صوت الدكداك : أشد الدقّ الذي يسحق ويبدل الشيء إلى أجزاء دقاق كالدقيق.
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٢٦٠ ، وقد اخرج في غاية المرام ستة عشر حديثا مثله عن طريق الفريقين.
(٢) رواه ابو نعيم في الحلية والواحدي في اسباب النزول عن بريدة وابو القاسم بن حبيب في تفسيره عن زر بن حبيش عن علي (ع) ورواه في تفسير روح البيان ج ١٠ ص ١٣٦.