(فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) : واقعة الاماتة والتدمير وتتلوها واقعة الإحياء والتعمير ، ومن الأولى : (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ ..) ومن الثانية : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) اعتبرت الثانية كأنها الأولى أو من الأولى لاتصالهما : «يومئذ» إذ دكت الأرض والجبال ووهت السماء.
(وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) : مسترخية بشد رباطها بعد شد قماطها ، فلقد كانت سبعا شدادا : (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) (٧٨ ـ ١٢) فهذه السبع الشداد سوف تسترخي وتوهي : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) (١٤ : ٤٨) تصبح السماء غير السماء مغايرة في الصورة والماهية ، والمادة الاصلية هي نفس المادة ، بانقلابها وانسلاخها عن ناموس العمار الى ناموس البوار.
(وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ)
إن الملك ـ عند انفراط الكون وتغيره بأرضه وسمائه ـ يخرج عن ميدان النضال الموت إلى الأرجاء : الجوانب ، فرارا من الموت ، إلى تحقيق أمر الله ، بأمر الله ولعلهم ملائكة خصوص ممن شاء الله. إذ يصعق وقتئذ من في السماوات ومن في الأرض : (.. وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٢٩ : ٦٨) فعلهم هؤلاء الخصوص الذين شاء الله ألا يصعقوا ، ولا سيما إذا كان (الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) حالا من انشقاق السماء ووهيها! ويؤيده المروي عن النبي (ص) (١)» أو علهم كمن سواهم ممن هم قيام ينظرون في نفخة الإحياء ، ولكنه يبقى السؤال :
لماذا على الأرجاء؟ أقول : ولكي يحملوا مع العرش ، يحملهم الثمانية (وَيَحْمِلُ
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٠٣ عن ارشاد المفيد عن النبي (ص) قال : ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت الا نشر ، ولا حي الا مات ، الا ما شاء الله. ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات ...