(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً (٨) وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (٩) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً (١١) وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً (١٢) وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً (١٣) وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً (١٤) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً (١٥) وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) (١٦)
.... تكريس للكون ، من آفاقه الأرضية والسماوية ، ومن الأنفسية برهانا لنبإ التوحيد الذي هو أصل الأنباء ومبدأ الأنباء .. ثم آيات أخرى تكرس نبأ المعاد وهو يتلو نبأ التوحيد ، وبينهما نبأ النبوة والقرآن ـ المبينان لهما ـ ، يدمجهما في أصلي المبدإ والمعاد كما هو دأب القرآن ،
الجبال الأوتاد :
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) :
إنها كانت أرضا ولم تكن مهدا ولا مهادا : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) (٢٠ : ٥٤) ، ولا ذلولا : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (٦٧ : ١٥) ، كانت شماسا لا تذل الراكب ولا تحنّ لعائش (١).
إن جعل الأرض مهدا ومهادا وذلولا يوحي بحقائق عدة كانت مجهوله لدى الإنسان حتى زمن نزول القرآن ، منها حراك الأرض دائبا منذ خلقت إلا أنها
__________________
(١) «جعل» * المتعدي إلى مفعولين ، يفيد الجعل المركب ، أي جعل الشيء شيئا آخر لا جعله بمعنى خلقه ـ ف «جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً» ، أي جعل حالة التذلل لها بعد ما كانت شماسا.