علم العيان : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠).
تجدها وجدانا واقعيا فلا تملك إنكارها ولا أن تغير شيئا منها ولا أن تزيد عليها أو تنقص منها ، فقد جفّ القلم عما كان ولا يحضر إلّا ما كان.
صحيح أنه تبدّل كل شيء وتغير ، ولكنما الأعمال لا تتغير ، فإنما تبرز بحقائقها كما ارتجعت الكائنات كلها إلى حقائقها التي صدرت منها.
إن الحياة الدنيا رغم كونها حياة العناء ، ولكنها حياة التقديم ، تخلّص وتحضر للآخرة ، وكتابها : (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً).
إن الحياة الآخرة حياة العلم الضروري ، تعلم فيها ما قدمت شئت أم أبيت ، تعلم عن جهل أو تجاهل كما في الكافرين ، أم بعد علم كما في المؤمنين ، فهم وإن كانوا على علم ـ مهما اختلفت مراتبه ـ علم بما يحضرون ، ولكنما الغفلة أحيانا من ناحية ، والجهل بحقيقة الأعمال من أخرى ، جعلاه جاهلا ، ثم يعلمها علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين ، وإن كان أولياء الله الأكرمون يعلمون قبل الميعاد ، وكما عن الإمام علي عليه السّلام : «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا» والدنيا كلها غطاء تكشف بالموت ، الموت الاختياري عن الشهوات : «موتوا قبل أن تموتوا» أو الموت الاضطراري (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).