وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) (٢٥ : ٤٧) (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) (٤٠ : ٦١).
توحي لنا هذه الآيات البينات أن الليل لصالح الراحة والمنام ، والنهار لصالح الإبصار فالنشور لابتغاء فضل الله ورحمته ، وهذا هو الأصل الأول في قرار الليل والنهار ، وإن كان للإنسان أن يلفق بينهما ويعكسهما : (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٣٠ : ٢٣) (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٢٨ : ٧٣).
وهذا جعل ثان ينوب عن الأول شيئا ما عند الحاجة ، وفيما لزم عكس الأمر ، وإن كان الالتزام بالأول أحرى وأصلح لراحة الإنسان ، وهذه الحرية في تبديل وقت المنام للإنسان هي في عداد فضائله على سائر الحيوان الملزمة خلقيا بأوقات خاصة لا تتبدل.
ترى في الآيات الأولى فكاكا بين الليل والنهار للنوم والشغل ، حينما الآيات الأخيرة تجمع بينهما للأمرين ، لكيلا يظن أن في نوم النهار وشغل الليل محظورا ، بعد ما نعلم أفضلية المنام في الليل والشغل في النهار ، والواقع الملموس يشهد أن قليل النوم في الليل أريح بكثير من كثير النوم بالنهار ، وأن نوم النهار يأتي بالكسل والفشل.
الليل اللباس والنهار المعاش :
اللباس ما يلبس الإنسان ويستره ، ستر الجسد للجسد كلباسه من عورته او الروح من طغواها كتقواها : (قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً) (٧ : ٢٦) وسترا له عما يصطدمه من حر أو برد أو بأس دون ذلك : (وَجَعَلَ لَكُمْ ... سَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) (١٦ : ٨١) ، أو سترا للروح من طغيانها وتخلّفها عن شريعة الله : «يا بني*