(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) : اجتمع نوره وتبدّر وتكامل واطّرد ، كما في ليلة بدره وتمامه ، فائضا على الأرض الظلماء الداعس ، بنوره الحالم الجابر لهذه الظلم.
قسما بالليل وما وسق والقمر إذا اتسق ، ولا أقسم بالشفق فإنه خلط لا يبين ، وإنما الليل وما جمع ، يجمع ويؤوي المتفرقات ، على غفلة وغفوة منها ، كذلك حياة التكليف تجمع الأعمال والأقوال في متون المسجلات العضوية والأرضية بفضائها ، طالما المكلفون عنها غافلون ، ولكنما قمر الساعة يوم يقوم الحساب ، إنه سوف يتسق ، يجمع نوره ليري الناس أعمالهم ، طبقا بحديد البصر يوم الحساب ، عن طبق في كلال البصر قبل يوم الحساب : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ، فطالما ظلام ليل التكليف يمنع عن ظهور الأعمال ، ولكنه لا يمحيها ، ثم القمر المتسق يبرزها يوم البروز.
فلا أقسم بالشفق ، ولأنه مشتبه خليط ، فلا يقسم به لإثبات حقيقة ناصعة ، إنما أقسم بما يمثّل ركوب طبق عن طبق ، حال عن حال ، أقسم بالليل وما جمع ، ولا بد لهذا الجمع الأليل من ظهور ، وإلا فلما ذا جمع ، وقد يظهر الجمع الخفي بالقمر إذا اتسق : تجمّع نوره وتبدّر ، وحينئذ لا تخفى منهم خافية ، وهذا طبق عن طبق.
إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه .. لتركبن طبقا عن طبق ، فإنما طبق اللقاء ، لقاء الرب ولقاء الأعمال ، إنه ناتج عن طبق الكدح.
(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) : الطبق هو المطابقة ، وهو جعل الشيء فوق آخر بقدره.
إن كل حالة لاحقة للإنسان ، لهي طبق عن سابقتها ونتيجة عنها (طَبَقاً عَنْ