وكلمة الجمع عن النفختين وعما يحصل فيهما وبعدهما لغير النهاية ، أنها : (يَوْمَ الْقِيامَةِ) وإن كان يعتبر ـ حسب مختلف الأحداث فيه ـ يعتبر أحيانا أياما.
فما هي النفخة؟ وما هو الصور؟ ومن هم الأفواج؟
إن الصور ليس هو الصور والأبدان لكي يعنى بالنفخ فيها نفخ الأرواح في الأبدان ، لأنه لا يستقيم إلا في نفخة الإحياء دون الإماتة ، والتعبير بالأخرى : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) يوحي بأنها تشبه الأولى ، فهل هنا من شبه بين الإماته والإحياء؟ كذلك ورجوع ضمير المذكر إلى الصور : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) رغم أن جمع الصورة مؤنث ، وأن الصور هي المناسبة لجمع الصورة كما في آيات (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) (٤٠ : ٦٤ و ٦٤ : ٣) .. هذه شهود صادقة على أن الصور بوق وليس جمع الصورة (١).
ثم التعبير عن النفخة الثانية بالنقر في الناقور : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) (٧٣ : ٨ ـ ١٠) وهو قرع الشيء المفضي إلى النقر ، هذا شاهد ثان على أن الصور غير الصور.
إن الصور بوق لا كالأبواق التي نعرفها ، كما النفخة فيه لا تشبه نفخاتنا ، ونحن لا نتصور هنا أو نفهم من نفخ الصور شيئا إلا أنها النفخة المميتة ، والنفخة الباعثة المجمعة التي يأتي بها الناس أفواجا ، التي تبعثر القبور وما في القبور فيأتون من كل فج إلى حيث يحشرون.
وبطبيعة الحال نستوحي من أحوالها وأهوالها الشاملة للكائنات أنها سوف
__________________
(١) في اللسان : الصور جمع الصورة ، والصور القرن ـ أقول وهذا شاهد راجع على ما نروم ـ إذ لو عني بالصورة جمع الصور لكان بحاجة إلى قرينة معينة لمكان الاشتراك ، وترك الخاص بالمشترك خلاف الفصيح.