(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآباً (٢٢) لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً (٢٩) فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذاباً) (٣٠) ..
(إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً) :
كانت قبل القيامة منذ حلقت ، كانت مرصادا : والرصد هو الاستعداد للترقب ، فالمرصاد آلة ووسيلة مستعدة تترقب أهلها الذين يتهيئون لها بما قدمت أنفسهم ، ثم منهم وقود لها تتّقد بهم ، كأصول الكفر والضلالة : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٢ : ٢٤) ثم أتباعهم الماشين على هوامش الضلالة ، هم يتّقدون بهم في مرصادهم ، و : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) (٨٩ : ١٤).
فكما أنهم ـ طول حياتهم ـ مرصاد للطغيان ، كذلك جهنم مرصاد لهم : تنتظرهم وتترقبهم وينتهون إليها فتستقبلهم.
(لِلطَّاغِينَ مَآباً) :
مرجعا يرجعون إليه ، حيث كانوا يوم الدنيا في جحيم الأفكار والعقائد والأعمال والآمال دون أن تظهر لهم نارها ، ثم في رحلتهم إلى عمق الحياة يرجعون إلى ما كانوا فيه ، ظاهرة نارها : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢).