وأصل الوسواس هو صوت الحلّي والهمس الخفي ، والوسوسة هي الخطرة الرديئة ، وبما أن الخطرات هي التي تدفع الإنسان إلى مختلف الحالات والانفعالات الخيرة والشريرة ، فليدحر الإنسان عن نفسه الخطرات الشريرة ، المختبئة في صدره ، بكفاح صارم دائم مستعيذا بالرب الملك الإله.
«الخناس» ويزيد الوسواس خطورة وشرا ما إذا كان خناسا : يخفي عنك أنه وسواس ، فالخناس هو المنقبض وهو الكثير الاختفاء بعد الظهور : يحاول في تضليلك خافيا ، فإذا برز لك أنه الوسواس ، فمحاولة ثانية في إخفائه ، إراءة لك أنه يريد صالحك : (ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) .. غشاوات وغشاوات ليغطي عليك أنه شيطانك ، ويستدل بالعقل وبالآيات والروايات ليفصلك عما يقتضيه العقل وتقتضيه الآيات والروايات ، وعلى حد قوم إمام المتقين أمير المؤمنين علي عليه السّلام : «إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى عليها رجال رجالا ، فلو أن الحق خلص من مزاج الباطل لم يكن للباطل حجة ولو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يكن اختلاف ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ، ونجي الذين سبقت لهم من الله الحسنى».
إن الخناس من طبعه أن يختفي أو يبتعد عنك مليا ، إذا ملّ منك وكلّ وخاب سعيه ، ولكنه خناس : يرجع ويرجع في خطوات ومحاولات ، وآخر المطاف أن يأخذك معه شر مأخذ ، فكما هو دائب في تخنسه فلتكن أنت دائب اليقظة والكفاح ، مسلحا بنور المعرفة لتنتصر في المعركة ، فلتذكر الله ربك كلما وضع خطمه على قلبك ، وعلى حد قول الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم «إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإذا ذكر الله خنس ، وإذا نسي التقم ، فذلك