الوسواس الخناس» (١).
(مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) : إنه كما عرفت مسبقا : هو الجنة الخافية من النفس الأمارة من الجن ، وهو كذلك الناس الذين يتدسسون إلى الصدور كالجنة.
نحن لا نعرف من وسواس الجنة إلا كما عرّفنا الله تعالى بها : عنه وعن لسان الجنة : (.. ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (٧ : ١٧) (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) (١٧ : ٦٢).
وما نجده من هواجس ووساوس تتنافس في نفوسنا ، مهما كان الخلط بين وسواس الجن ووسواس النفس ، إلا أنه وسواس.
وأما الناس فنحن نعرف عن وسوستهم الكثير الكثير ، ونعرف ما هو أشر وأخطر من وساوس الشياطين ، كأنهم أساتذتهم! :
رفيق السوء الذي يوسوس إلى صدر رفيقه من حيث لا يحتسب ومن حيث لا يحترس لأنه مأمون! وإلى أمثاله من حملة السوء ودعاته بشتى ألوان الدعوة والدعاية : من حاشية الشر للسلاطين ، والنامين الواشين ، وبائعي الشهوات ، وعشرات وعشرات من الوسواسين الخناسين الذين ينصبون الأحابيل ويخفونها ويتسربون بها إلى الصدور وإلى القلوب ، وهم شر من الجنة وعلّهم أخفى منهم دبيبا.
__________________
(١) نور الثقلين ج ٥ ص ٧٢٥ ، وهذا الحديث يبين طرفا من أطراف خنس الوسواس ، وهو آخر المطاف ، إذ يفر من الإنسان الذي حقق الاستعاذة حقا ، ورواه الدر المنثور عن أنس عنه (ص) مثله ج ٦ ص ٤٢٠ ، وفيه عنه (ص): أن للوسواس خطما كخطم الطائر ، فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس ، فإن ابن آدم ذكر الله نكص وخنس فلذلك سمي الوسواس الخناس.