(وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) :
السبح هو المر السريع في الماء وفي الهواء ، ويجمعه المر السريع أيا كان.
والسابحات هي القوات المسرعات في بحر الكون ، في الماء وفي الفضاء وفي الأرض ، سبحا جسدانيا أو روحانيا ، فالكون كله مسبح للسابحات : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٢١ : ٣٣).
السابحات الكوكبية من الأرض والشمس والقمر وزملائها التي تسبح ـ حسب تصريحات الآيات ـ في أفلاكها ومداراتها الجوية.
والسابحات البشرية التي تسيح وتسبح غائصة في بحر الحياة بغية الصيود التي تبغيها ، وهي مغلوبة بقضاء الله كما تسعى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) دون أن تملك من الكون ما يريد ، إلا ما قضاه الله نتيجة السعي.
والسابحات الملكية التي تسبح لتحقيق أوامر الله ، من إيصال وحي وتصوير الأجنة في الأرحام وتقريب الأرزاق.
وسابحات الفكر والعقول التي تسبح في الآفاق وفي الأنفس حتى يتبين لها أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد.
(فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً. فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) :
في هذه النازعات الناشطات السابحات ، سابقات في مأمورياتها تسبق سائر القوات التي قد تمانعها في تحقيق ما أمرت به ، تسبقها في معارك الموت والحياة ، في معارك تنازع البقاء إذ تنزع الأرواح أجسادها متمنّعة عن موتها ، فتسبقها ملائكة الموت ، وتأخذ الأبدان إلى التناثر والتفرق ، والأرواح إلى الاختفاء ، فيسبقها ملك الموت الذي وكلّ بها فيتوفاها ويحافظ عليها وينزعها إلى محفظات الأرواح والأجساد.