على سطحها ، حتى إذا دحاها ربّها ، فأرسى جبالها المتكونة من الأمواج على سطحها الذائب ، أرساها في قطع أديمها بعد ما كانت ليّنة غير راسية ، ثم إرساء الجبال ـ ولزامه برودة الأرض شيئا مّا ـ هيّأ الأرض لإخراج مائها ومن ثم مرعاها : (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
وإرساء الجبال يوحي بتكوّنها قبل إرسائها ، وكما الآيات المسبّقة تدل أنها نصبت ثم أرسيت (وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) ..
فلقد خلقت الأرض محترقة مذابة لا ماء فيها ولا كلاء ولا جبال ، ثم الله أنزل عليها من السماء ماء بعد ما بردت شيئا مّا ، ولكنها ابتلعت ماءها خوف ارتجاعه إلى السماء نتيجة الحرارة الزائدة ، وأخذت الجبال تظهر عليها من الأمواج ، ثم دحاها فأرسى جبالها وأخرج منها ماءها ومرعاها (١).
(مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) :
كل ذلك ليمتّعكم وأنعامكم ، يمتّع أنعامكم لكي تتنعموا منها ، ويمتعكم إلى أجل مسمى لتذكروا نعمة ربكم وتشكروه عليها.
* * *
(فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ
__________________
(١) في الدر المنثور بالإسناد عن قيس بن عبادة قال : إن الله لما خلق الأرض جعلت تمور ، فقالت الملائكة : ما هذه بمقرة على ظهرها أحدا ، فأصبحت صبحا وفيها رواسي فلم يدروا من أين خلقت.