فنحن في غنىً عن إيرادها ومناقشتها.
على أنَّ نزول هذه الآية الكريمة في الغدير هو رأي أهل البيت عليهمالسلام ، وهم أهل الذكر ، وقد رواه عنهم المحدثون من الفريقين ، لذا نقتصر على نقل بعض ما روي عن طريق السنة :
روى الحاكم الحسكاني بإسناده إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام ما نصه : قال : سمعت زياد بن المنذر يقول : كنت عند أبي جعفر محمد بن علي ، وهو يحدث الناس ، إذ قام إليه رجل من أهل البصرة ، يقال له : عثمان الأعشى ـ كان يروي عن الحسن البصري ، فقال له : يا ابن رسول الله ـ جعلني الله فداك ـ إنَّ الحسن يخبرنا : أنَّ هذه الآية نزلت بسبب رجل ، ولا يخبرنا من الرجل : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)؟
فقال : لو أراد أن يخبر به ، لأخبر به ، لكنه يخاف. إنَّ جبرائيل هبط على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له : إنَّ الله يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم ، فدَلَّهم عليها. ثم هبط ، فقال : إنَّ الله يأمرك أن تدل أمتك على زكاتهم ، فدَلَّهم عليها. ثم هبط ، فقال : إنَّ الله يأمرك أن تدل أمتك على صيامهم ، فدَلَّهم. ثم هبط ، فقال : إنَّ اله يأمرك أن تدل أمتك على حجِّهم ، ففعل. ثم هبط ، فقال : إنَّ الله يأمرك أن تدل أمتك على وليهم ، على مثل ما دللتهم عليه من صلاتهم ، وزكاتهم ، وصيامهم ، وحجهم ، ليلزمهم الحجة من جميع ذلك.
فقال رسول الله : يا ربّ إنَّ قومي قريبوا عهد بالجاهلية ، وفيهم تنافس ، وفخر ، وما منهم رجل إلّا وقد وتره وليُّهم ، وإنّي أخاف ، فأنزل الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)ـ يريد فما بلغتها تامة ـ (وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)، فلما ضمن العصمة ، وخوفه ، أخذ بيد علي بن أبي طالب ،