ودفن الحجر الأسود أيضا كما قيل ـ وطمّ البئر ، واعتزل قومه ، فسلط الله عليهم خزاعة فأخرجتهم من الحرم وتفرقوا وهلكوا. ثم لا زالت زمزم مطمومة لا يعرف محلها مدة خزاعة ومدة قصي ومن بعدهم إلى زمن عبد المطلب ورؤياه التي أمر بحفرها ، قيل : وتلك المدة خمسمائة سنة ، أي : وكان قصي احتفر بئرا في الدار التي يقال لها : دار أم هانئ ، وهي أول سقاية احتفرت بمكة. انتهى ما ذكره الحلبي (١).
الفصل الثاني : في ذكر حفر عبد المطلب جد النبي صلىاللهعليهوسلم زمزم
بعدما اندرست كما تقدم
ذكر القرشي في البحر العميق (٢) : عن الزهري قال : أول ما ذكر من أمر عبد المطلب جد النبي صلىاللهعليهوسلم أن قريشا خرجت فارّة من أصحاب الفيل ، وهو غلام شاب فقال : والله لا أخرج من الحرم أبتغي العز في غيره ، فجلس عند البيت وأخلت عنه قريش ، فلم يزل ثابتا في الحرم حتى أهلك الله الفيل وأصحابه ، وكون عبد المطلب خرج إلى أصحاب الفيل وقال لهم : أنا رب إبلي ، ورب البيت يحميها ، فلا يخالف أنه ثبت في الحرم ولم يخرج ؛ لأن المحسر من الحرم ، تأمل. ورجعت قريش وقد عظم فيها بصره وتعظيمه محارم الله ، فبينما هو كذلك وقد ولد له أكبر بنيه وهو الحارث بن عبد المطلب فأدرك.
وعن عليّ رضياللهعنه ، قال عبد المطلب : إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال : احفر طيبة. قال : قلت : وما طيبة؟ قال : ثم ذهب عني ،
__________________
(١) السيرة الحلبية (١ / ٥٢).
(٢) الأزرقي (٢ / ٤٢ ـ ٤٤) ، والبحر العميق (٣ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤).