الباب الرابع : في ذكر مكة المشرفة وأسمائها
وفضل جبالها مما هو بها وفي الحرم ، والأماكن المباركة فيها من المساجد
التي بها وما قاربها مما هو في الحرم من الدور والمواليد والمساجد التي بها
وخارجها مما هو في الحرم وفضائلها ، وفي أيهما أفضل هي أم المدينة ،
وفي فضل أهل مكة وفضل المجاورين بها ، وحكم المجاورة بها
وفيه ثلاثة فصول :
الفصل الأول : في ذكر مكة المشرفة وأسمائها
وقد أتت لها أسماء جليلة مكرمة ، وذكرها في مواضع كثيرة من القرآن ، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى بالإعزاز والتبجيل ، كما في أسماء الله تعالى ، وأسماء رسوله صلىاللهعليهوسلم.
قال النووي (١) رحمهالله : ولم يعلم بلد أكثر أسماء من مكة والمدينة ؛ لكونهما أفضل بقاع الأرض ، وذلك لكثرة الصفات المقتضية. انتهى.
فسماها الله : مكة ، وذلك قوله تعالى : (بِبَطْنِ مَكَّةَ) [الفتح : ٢٤]. وفي سبب تسميتها بهذا الاسم أقوال :
منها : لأنها يؤمها الناس من كل فج عميق فكأنها تجذبهم إليها ، وقيل : لأنها تمك من ظلم فيها ـ أي : تهلكه ـ من قولهم : مككت الرجل إذا أردت [أن](٢) تهلكه ، وقيل : لأنها تمك الذنوب ـ أي : تذهب بها ـ وقيل غير ذلك.
__________________
(١) تهذيب الأسماء (٣ / ٣٣٢).
(٢) قوله : أن ، زيادة على الأصل.