مخالفة حكم مسجد مكة لسائر المساجد حتى مسجد الرسول صلىاللهعليهوسلم ، ولا يعلم من الحديث الذي استدلوا به حكم مكة في التفاضل مع المدينة ، إلا أن حديث : «حسنات الحرم بمائة ألف» إن ثبت صريح في أن نفس مكة أفضل من نفس المدينة ، ولا خلاف أن موضع قبره صلىاللهعليهوسلم أفضل من سائر بقاع الأرض ، بل هي أفضل من السموات والعرش والكعبة ، وهاهنا بحث وهو أن البقعة التي ضمت الجسد الشريف العظيم إذا كانت أفضل من سائر البقاع يلزم أن تكون المدينة أفضل من مكة بلا نزاع ؛ لأن المدينة هي تلك البقعة مع زيادة وزيادة الخير ، فكيف يتصور الخلاف بين العلماء على هذا؟ بل نقول : المدينة بعد هجرته إليها وإقامته بها تفضل مكة ؛ لأن شرف المكان بالمكين ، بل في كلام ابن القاسم ما يقتضي أن فضل البقعة التي ضمت أعضاءه الشريفة ثابت قبل دفنه فيها وقبل موته ، بل وقبل هجرته. انظر الخفاجي وملا علي القاري على الشفا. انتهى ما في حاشية توضيح المناسك. والله أعلم.
الفصل الثالث : في الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء بمكة المشرفة
وحرمها وما قاربهما
قال الحسن البصري رضياللهعنه في رسالته (١) : إن الدعاء يستجاب هنالك في خمسة عشر موضعا : في الطواف ، وعند الملتزم ، وتحت الميزاب ، وداخل الكعبة ، وعند زمزم ، وخلف المقام ، وعلى الصفا ، وعلى المروة ، وفي المسعى ، وفي عرفات ، وفي المزدلفة ، وفي منى ، وعند الجمرات الثلاثة.
__________________
(١) فضائل مكة والسكن فيها (ص : ٢٤ ـ ٢٥).