والثلاثينيات من هذا القرن والتى تأخذ فى حسابها المادة التى ظهرت فى الآونة الأخيرة. وعدد هذه الملخصات كبير وهى أحيانا يكمل بعضها البعض بصورة مرضية.
وقد أفرد المستعرب وعالم الرياضيات الفرنسى كارّا دى فوCarra de Vaux مائة صفحة للجغرافيين والرحالة العرب ، وذلك فى الجزء الثانى من مؤلفه الذائع الصيت «مفكرو الإسلام» Les Penseurs de l\'Islam الذى يقع فى خمسة أجزاء (١٩٢١) (٣٨). ولم يكن من هدف المؤلف جمع عدد هائل من الأسماء أو استيفاء جميع المراجع لذا فقد انتقى نحوا من خمسين شخصية لامعة وترجم لها ووصف اتجاهاتها العلمية. وتتركز الميزة الكبرى للمؤلف فى معرفته الجيدة بالعلوم الدقيقة عند العرب ، ومن تم فهو يولى عناية خاصة للجغرافيا الفلكية. وهو يستعمل ببراعة الاقتباسات من المصادر العربية ويسوق عرضه بمهارة فائقة رغما من بضعة أخطاء فى التفاصيل أحيانا. كذلك لا يفتقر إلى الطرافة مقال العالم الهولندى كرامرس Kramers «الجغرافيا والتجارة» Geography and Commerce الذى ظهر فى الكتاب الجماعى «تراث الإسلام» Legacy of Islam المطبوع بأكسفورد (١٩٣١) (٣٩). وكرامرس من خيرة العارفين بالجغرافيا التاريخية واشتغل كثيرا بدراسة المصادر العربية ؛ وقد حالفه التوفيق فقدم صورة متكاملة الجوانب لدور الجغرافيا فى التطور الثقافى للحضارة العربية وارتباطها بالتوسع الاقتصادى للخلافة الإسلامية ؛ وهو مقال رصين يمكن الاعتماد عليه فى سد النقص البين الذى يعانى منه عرض كارا دى فو. وتتمتع بنفس الدرجة من الطرافة محاضرة لكرامرس بعنوان «الأدب الجغرافى الإسلامى كظاهرة حضارية» Die Muhammedanische geographische Literatur als Kulturerscheinun g ، وهى معروفة إلى يومنا هذا مع الأسف فى ملخص شديد الإيجاز (١٩٣٤) (٤٠). وثمة مقالان آخران يحملان طابعا عاما ولكن يتميزان بإيراد تفاصيل عديدة سواء عن المؤلفين أو عن مسائل منفردة. أحدهما بقلم رسكاRuska (١٩٢٧) المعروف بأبحاثه فى تاريخ العلوم الطبيعية عند العرب ؛ وكان الهدف الأول من مقاله هو الاستدراك على مقال شقارتز بأن يأخذ فى حسابه تطور العلم فى الثلاثين عاما التى مرت على تاريخ ظهور الأخير ، ولكن ما لبث أن اتسع به الموضوع فخرج عن حدوده بشكل ملحوظ وتحول إلى عرض عام لتطور الجغرافيا عند العرب. كذلك أفرد اهتماما كبيرا فيه لدور الشعوب المختلفة فى بناء الحضارة العربية ولنشأة الجغرافيا على ضوء هذا ، وذلك فى اتجاهيها الفلكى والوصفى. وينصب القسم الأساسى للمقال على الجغرافيا الوصفية والرحلات بشكل خاص مع إفراد نبذ قصيرة لما يقرب من أربعين مؤلفا ، غالبا ما صحبها عرض لمحتويات كتبهم. وكان رسكا جد مصيب حين ضم إلى عرضه أسماء بعض العلماء الذين كتبوا بالفارسية وكانت لهم صلة مباشرة بالجغرافيا العربية (٤١). أما المقال الثانى فهو لكرامرس الذى مر ذكره وقد ظهر فى «ذيل دائرة المعارف الإسلامية» Supplement to the Encylopaedia of Islam (١٩٣٤ ـ ١٩٣٦) (٤٢). وهو إلى جانب عرضه