سيلان والتى زعموا أنها تقع على خط الاستواء. والنقطة التى يتقاطع فيها خط الاستواء مع خط منتصف النهار كانت تسمى عند العرب «قبة الأرض» أو «القبة» وهى تقع على أبعاد متساوية من الغرب والشرق والشمال والجنوب. ومن جزيرة لانكا أو من هذه «القبة» كان ابتداء حساب الأطوال الجغرافية عند الهنود (٣٣) ، وبحسب تصوراتهم فإن خط زوال لانكا كان يمر على مدينة أوجينى (اجين Ujain الحالية من أعمال مالوه Malwa بالهند الوسطى) حيث كان يقوم مرصد مشهور (٣٤). وفى صورتها العربية تحولت أجين إلى أزين ، وهذا قريب من شكلها عند بطلميوس وهو أزين Ozene ؛ ثم نتيجة لنقص معهود فى الكتابة العربية تتحول أزين ببساطة إلى أرين Arine. أما الجزيرة نفسها فنظرا لعدم احتفاظها باسمها الهندى عند العرب فقد تمت زحزحتها سهوا فى تجاه الغرب مستمرة على خط الاستواء بحيث أصبحت حسب تصوراتهم تحتل مكانا وسطا بين الهند والحبشة (٣٥) ؛ ونتيجة لكل هذا فقد ثبتت لدى العرب النظرية القائلة بأن حساب الأطوال وفقا لمذهب الهند يبدأ من خط زوال الأرين ، وهذا بدوره جر إلى خلط مفعم بالنتائج بين «قبة الأرض» والأرين ، بل أدى إلى ظهور مصطلح «قبة الأرين». ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلى اتخاذ لفظ أرين شيئا فشيئا لمعنى المركز على الإطلاق (٣٦) ؛ وفى القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) يعرف الجرجانى الأرين فى معجمة للمصطلحات «التعريفات» كالآتى :
«الأرين محل الاعتدال فى الأشياء وهى نقطة فى الأرض يستوى معها ارتفاع القطبين فلا يأخذ هناك الليل من النهار ولا النهار من الليل وقد نقل عرفا إلى محل الاعتدال مطلقا» (٣٧).
ولم يختف حساب الأطوال ابتداء من الشرق اختفاء تاما حتى بعد دخول المذهب اليونانى. ففى القرن العاشر أثبت الجغرافى وعالم الآثار المشهور الهمدانى ، وأصله من جنوب جزيرة العرب ، أقول أثبت الهمدانى فى كتابه «صفة جزيرة العرب» (٣٨) أطوال «مدن العرب المشهورة» بما فى ذلك مكة والمدينة ابتداء «من الشرق» وأشار إلى أن مصادره هى الفزارى ومعاصر الفزارى المشهور حبش المروزى ، وقد اهتم هونغمان Honigmann فى الآونة الأخيرة بدراسة هذه المادة وحللها تحليلا دقيقا (٣٩).
ولم يكتف مذهب السند هند بإدخال مصطلح «قبة الأرض» والأرين فى الجغرافيا العربية بل أدخل أيضا عددا من النظريات الأخرى ، أحيانا عن طريق الرواية الإيرانية مع زيادات مختلفة. ويروى البيرونى أن بعض الجغرافيين قد حدد موقع جزيرة جمكوت Djamkut (٤٠) على درجة ٩٠ إلى الشرق من جزيرة لانكا أى فى نهاية المعمورة ، ويذكر أن اسمها عند الهنود هو ياماكوتى Yamakoti ، بالرغم من أن ذكرها لا يرد لديهم. وهكذا فإن جمكوت فى الشرق تقابل «جزر السعادة» (الخالدات) عند بطلميوس فى المغرب (٤١). وفى أقصى المشرق على خط الاستواء وعلى بعد ١٨٠ درجة إلى الشرق من «جزر السعادة» و ٩٠ درجة إلى الشرق من «قبة الأرض» يضع البيرونى بدلا من جمكوت قلعة كنكدزKangdez