صورة معقولة فى شىء منقسم ، فإذا فرضنا فى الشىء المنقسم أقساما عرض للصورة أن تنقسم. فحينئذ لا يخلو إما أن يكون الجزءان متشابهين أو غير متشابهين ، فإن كانا متشابهين فكيف يجتمع منهما ما ليس هما ، (١) إذ الكل من حيث هو كل ليس هو الجزء ، إلا أن يكون ذلك الكل شيئا يحصل منهما من جهة الزيادة فى المقدار أو الزيادة فى العدد لا من جهة الصورة ، فحينئذ تكون الصورة المعقولة شكلا ما أو عددا ما ، (٢) وليس كل صورة معقولة بشكل أو عدد ، وتصير حينئذ الصورة خيالية لا معقولة.
وأنت تعلم أنه ليس يمكن أن يقال ، إن كل واحد من الجزءين هو بعينه الكل ، كيف (٣) والثاني داخل فى معنى الكل وخارج عن معنى الجزء الآخر. فمن البين الواضح أن الواحد منهما وحده ليس يدل على نفس معنى التمام ، وإن كانا غير متشابهين.
فلينظر كيف يمكن أن يكون ذلك ، وكيف يمكن أن تكون للصورة المعقولة أجزاء غير متشابهة. فإنه ليس يمكن أن تكون الأجزاء غير (٤) المتشابهة إلا أجزاء الحد التي هى الأجناس والفصول ، وتلزم من هذا محالات منها أن كل جزء من الجسم يقبل القسمة أيضا فى القوة قبولا غير متناه ، فيجب أن تكون الأجناس والفصول فى القوة غير متناهية وهذا محال. وقد (٥) صح أن الأجناس والفصول الذاتية للشىء الواحد ليست فى القوة غير متناهية ، ولأنه ليس يمكن أن يكون فيه (٦) توهم القسمة يفرز (٧) الجنس والفصل ، بل مما لا نشك فيه أنه إذا كان هناك جنس وفصل يستحقان تميزا فى المحل أن ذلك التميز لا يتوقف إلى توهم القسمة ، فيجب أن تكون الأجناس والفصول بالفعل أيضا غير متناهية. وقد صح أن الأجناس والفصول وأجزاء الحد للشىء الواحد متناهية من كل وجه. ولو كانت الأجناس والفصول (٨) يجوز لها أن تكون غير متناهية بالفعل ، لما كان يجوز أن تجتمع فى الجسم اجتماعا على هذه الصورة ، فإن ذلك يوجب أن يكون الجسم الواحد انفصل (٩) بأجزاء غير متناهية بالفعل. وأيضا
__________________
(١) هما : بهما ك.
(٢) عددا ما : عددا ك ، م.
(٣) كيف : وكيف ك ، م.
(٤) غير (الثانية) : الغير د ، ف ، م.
(٥) وقد : فقد ف.
(٦) فيه : ساقطة من ف
(٧) يفرز : يقرر م.
(٨) بالفعل ... والفصول : ساقطة من م.
(٩) انفصل : الفصل د.