فإنما (١) تكثرها بالحوامل والقوابل والمنفعلات عنها أو بنسبة ما إليها وإلى أزمنتها فقط وإذا كانت مجردة أصلا لم تتفرق (٢) بما قلنا. فمحال أن يكون بينها مغايرة وتكثر ، فقد بطل أن تكون الأنفس (٣) قبل دخولها الأبدان متكثرة الذات بالعدد.
وأقول (٤) : ولا يجوز أن تكون واحدة الذات بالعدد ، (٥) لأنه إذا حصل بدنان حصل فى البدنين نفسان. فإما أن تكونا قسمى تلك النفس الواحدة ، فيكون الشىء الواحد الذي ليس له عظم وحجم منقسما بالقوة ، وهذا ظاهر البطلان بالأصول المتقررة فى الطبيعيات وغيرها. وإما أن تكون النفس الواحدة بالعدد فى بدنين ، وهذا لا يحتاج أيضا إلى كثير تكلف فى إبطاله. ونقول بعبارة أخرى : إن هذه الأنفس (٦) إنما تتشخص نفسا واحدة من جملة نوعها بأحوال تلحقها ليست لازمة لها بما (٧) هى نفس ، وإلا لاشترك (٨) فيها جميعها. والأعراض اللاحقة تلحق (٩) عن ابتداء لا محالة زمانى لأنها تتبع سببا عرض لبعضها دون بعض ، فيكون تشخص (١٠) الأنفس أيضا أمرا حادثا ، فلا تكون قديمة لم تزل ويكون حدوثها مع بدن. فقد صح إذن أن الأنفس تحدث كما تحدث مادة بدنية صالحة لاستعمالها إياها (١١) ، فيكون (١٢) البدن الحادث مملكتها وآلتها ، ويكون فى جوهر النفس الحادثة مع بدن ما ذلك البدن استحق حدوثها من المبادي الأولى (١٣) هيئة نزاع طبيعى إلى الاشتغال به واستعماله والاهتمام بأحواله والانجذاب إليه تخصها (١٤) وتصرفها (١٥) عن كل الأجسام غيره ، فلا بد أنها إذا وجدت متشخصة فإن مبدأ تشخصها يلحق (١٦) بها من الهيئات ما تتعين به شخصا وتلك الهيئات (١٧) تكون مقتضية لاختصاصها بذلك البدن ومناسبة لصلوح أحدهما للآخر ، وإن خفى (١٨) علينا تلك الحالة (١٩) وتلك (٢٠) المناسبة ، وتكون مبادئ الاستكمال
__________________
(١) فإنما : إنما د.
(٢) تتفرق : يفترق د.
(٣) الأنفس : النفس ك.
(٤) وأقول : فأقول م
(٥) بالعدد : العدد م.
(٦) الأنفس : النفس ك.
(٧) بما : ساقطة من م
(٨) لاشترك : لا شرك م.
(٩) تلحق : بها م
(١٠) تشخص : شخص م.
(١١) إياها : إياه د
(١٢) فيكون : ويكون د ، ك ، م.
(١٣) الأولى : الأول م. (١٤) تخصها : يخصه د
(١٥) وتصرفها : ويصرفه د. (١٦) يلحق : يكون م.
(١٧) الهيئات : الهيئة ك. (١٨) خفى : خفيت م
(١٩) الحالة : الحال م (٢٠) وتلك : أو تلك م.