وقوم يرون أن المزاج ، الذي كيفيته متوسطة (١) حدا من المتوسط ، (٢) إذا كان حده بحال ما كان لونا وطعما ، وإن كان بحال أخرى (٣) كان لونا وطعما آخر ؛ (٤) وأنه ليس الطعم واللون ، وسائر (٥) الأمور التي تجرى مجراها (٦) ، شيئا والمزاج شيئا آخر ؛ (٧) بل كل واحد منها (٨) مزاج خاص يفعل فى اللمس شيئا ، وفى البصر شيئا.
وقال قوم آخرون (٩) إنه ليس الأمر على أحد هذه الوجوه ؛ بل المزاج ، على التقدير الذي يتفق له ، أمر يهيئ (١٠) (١١) المادة لقبول صورة (١٢) وكيفية مخصوصة. فما كان (١٣) قبوله ذلك إنما هو من علل فاعلة لا تحتاج إلى أن يكون لها وضع محدود قبله مع استكمال الاستعداد ، مثل النفس والحياة وغير ذلك. وما كان (١٤) قبوله ذلك (١٥) إنما هو من (١٦) علل محتاجه إلى وضع محدود قبله إذا صار له مع غلية (١٧) ذلك (١٨) الوضع ، كنضج التين مثلا من الشمس إذا أشرقت عليه. فهذه هى المذاهب التي يعتد بها فى هذا الباب.
فأما المذهب المبنى على الأجرام (١٩) التي لا تتجزأ ، وعلى أن سبب حدوث الكيفيات اختلاف أحوالها ، بحسب اختلاف الترتيب والوضع الذي يعرض لها ، فما قدمناه (٢٠) يغنى عن إعادتنا قولا كثيرا في رده ؛ بل نحن نعلم أن هذه الأجسام متصلة ، وأن الأسود منها أسود ، كيف كان شكله ووضعه ، والأبيض أبيض كيف كان وضعه.
وكذلك قولنا فى الطعوم والروائح ، وإن ذلك لا يختلف بحسب (٢١) وضع وترتيب ، وإنه لو لا خاصية (٢٢) لكل واحد (٢٣) من الأجسام المختلفة لاستحال أن تتخيل (٢٤) منها الحواس تخيلات مختلفة ، أو تنفعل (٢٥) انفعالات مختلفة.
__________________
(١) ط : كيفية متوسطة (٢) فى سا : تتوسط
(٣) د : كان بحال آخر
(٤) ط : سقط منها : «وإن كان بحال أخرى كان لونا وطعما آخر»
(٥) وفي «سا» سقط : كان لونا وطعما آخر
(٦) ط : يجرى مجريها
(٧) سقط فى د : والمزاج شيئا آخر ؛ بل كل واحد منهما مزاج خاص يفعل في اللمس شيئا وفى البصر شيئا
(٨) م : منهما (٩) ب : أو قوم آخرون يقولون
(١٠) د : أم يهيؤ (١١) ط : يهيؤ ، وفي ب : أمر تهيؤه
(١٢) سا : صورته (١٣) سا : مما كان
(١٤) سا : كان+ هو
(١٥) سقط من سا : «لا تحتاج إلى أن يكون لها وضع محدود» إلى قوله «وغير ذلك»
(١٦) ط : ذلك (الثانية) مشطوبة
(١٧) ط : هو عن (١٨) ط : علته
(١٩) ب : على الأجزاء (٢٠) سا : مما قدمناه
(٢١) سا ، د : لا يختلف بسبب
(٢٢) د : لا خاصية (٢٣) د : واحدة
(٢٤) م ، ط : يتخيل (٢٥) م ، ط : ينفعل.