ويشبه أن يكون الشراب الطرى أسخن فى نفسه من العتيق (١) المنحل عنه ناريته ، الباقى فيه مائيته وأرضيته. لكن ذلك أبقى فى البدن ، وأبطأ تحللا (٢) ، فيسخن أكثر ، وهذا أشد تحللا (٣). ومثال (٤) ذلك الجمر ؛ فإنه (٥) إذا مس أحرق أشد مما تحرق (٦) النار الصرفة إذا مست ؛ لأن ذلك الجمر كثيف متشبث والنار لطيفة (٧) متخلخلة.
وكثير من الأشياء يبرد فى وقت ، ويسخن فى وقت ، لاختلاف زمان (٨) انفعال ما فيه من الجوهر البارد والحار ، فيفعل أحدهما فى البدن (٩) بعد الآخر. وربما كان المبرد يستحيل (١٠) غذاء ، فيسخن (١١) من حيث هو غذاء ودم. وربما كان المسخن مركبا من جوهر لطيف وجوهر غليظ ، فيسبق اللطيف إلى فعله ، ثم يتفشى ، (١٢) ثم يليه الغليظ ، فيفعل فعله من بعد ، مثل البصل فإن فيه (١٣) جوهرا حريفا يسخن ، لكن (١٤) جرمه الذي يبقى بعد ذلك يبرد ويرطب ؛ ويحدث بلغما خاما.
والاستقصاء (١٥) فى جزئيات هذه الأشياء يجب أن يوكل (١٦) إلى صناعة أخرى. لكنك قد علمت أن المزاج لا يخلو (١٧) من أحد أقسام : إما (١٨) أن تكون (١٩) الكيفيات كلها متساوية (٢٠) فيه ، وهذا هو الذي يسمى بالمعتدل ؛ (٢١) وإما أن تكون (٢٢) مضادة متكافئة ، ومضادة (٢٣) ليست كذلك.
فيكون مثلا الرطب واليابس متعادلين فيه ، لكن الحار أكثر من البارد ، (٢٤) أو البارد أكثر من الحار ، أو يكون الحار والبارد متعادلين فيه ، لكن اليابس أكثر من الرطب ، أو الرطب (٢٥) أكثر من اليابس ، أو يكون الحر والرطوبة غالبين معا ، (٢٦)
__________________
(١) م ، سا : «الحديث» بدلا من «العتيق»
(٢) م : تحليلا (٣) ط : تحليلا
(٤) سا : ومثال الأول (٥) سا : ـ فإنه
(٦) ط : يحرق (٧) م : لطيفة متنحية
(٨) م : ـ زمان (٩) «من البدن» هكذا في جميع النسخ ، ولعل الصواب : فى البدن
(١٠) م : ويستحيل (١١) ط : ويسخن
(١٢) سا ، ط : ثم ينفش
(١٣) سا ، ط : فإن فيه جوهر حريف
(١٤) سا : ـ لكن (١٥) م : والأسطقصا
(١٦) م : توكل (١٧) ط : لا يخلو عن
(١٨) م : فإما (١٩) م ، ط : يكون
(٢٠) سا : مساوية (٢١) م : المعتدل
(٢٢) م ، ط : يكون
(٢٣) ط : متضادة (الأولى والثانية)
(٢٤) ط : والبارد
(٢٥) سا : والرطب (الثانية)
(٢٦) سا : غالبتين