على الأرض ، ولذلك فأكثر السحب الماطرة إنما تتولد فى الجبال ومنها تتوجه إلى سائر البلاد. وما أظن أن العلم الحديث قد أضاف إلى ذلك جديدا إلا أنه وجد من الأجهزة والأدوات ما يسمح بإثبات هذه الآراء بالقياسات الدقيقة.
(ه) الطل :
ليس يتكون من سحاب ، بل من البخار اليومى المتباطئ فى الصعود ، القليل المادة ، إذا أصابه برد الليل ، وكثفه ، وحوله ماء ينزل نزولا ثقيلا فى أجزاء صغار جدا لا نحس بنزولها إلا عند اجتماع شىء يعتد به ، ويضيف فإن جمد كان صقيعا. ولا مراء فى صحة هذا الرأى ومطابقته لما يقول به العلم الحديث.
(و) الثلج :
وهذا السحاب يعرض له كثيرا ، أنه كما يأخذ فى التكاثف ، وفى آن يجتمع فيه حب القطر يجمد ، ولم تتخلق الحبات ، بحيث تحس فينزل جامدا ، فيكون ذلك هو الثلج ، ونظيره من البخار الفاعل للطل هو الصقيع. وأما إذا جمد بعد ما صار ماء ، وصار حبا كبارا ، فهو البرد.
(ز) الضباب :
يقول ابن سينا أما الضباب فهو من جوهر الغمام ، إلا أنه ليس له قوام السحاب فما كان منه متحررا من العلو ، وخصوصا عقب الأمطار ، فإنه ينذر بالصحو ، وما كان منه مبتدئا من الأسفل متصعدا إلى فوق ولا يتحلل فهو ينذر بالمطر.
ثم يضيف الشيخ الرئيس ، فالبخار مادة السحاب والمطر والثلج والطل والجليد ، والصقيع والبرد ، وعليه تتراءى الهالة وقوس قزح ، والشميسات والنيازك.
وأحسب أن ما قاله المعلم الثالث فى هذه المسائل ، إنما هو صحيح فى جملته بل وفى كثير من تفصيلاته ، فعمر الأرض ما زال العلماء مختلفين فيه ، وقد أصاب كبد الحقيقة عند ما قال : "فى مدد لا تفى التأريخات بحفظ أطرافها" ، وقد كان من العلماء من يقدر هذا التاريخ بألفين من ملايين السنين ، ومنهم من يزيده إلى ثلاثة أو أربعة آلاف من ملايين السنين. وهو معذور أن قال إن الضوء يصل فى الآن ، أما الصوت فيحتاج إلى زمان ، فالفرق بين سرعتيهما هائل