فيسقط مطرا (١). فللرياح إذن تأثير فى سقوط المطر وتكوين الثلج والصقيع ، وما هى إلا وليدة تخلخل الهواء بسبب تغيّر درجة الحرارة (٢).
ومما يلفت النظر أنه يعوّل على ملاحظته الشخصية ، وقد رحل وتنقّل ، ووقف على ظواهر طبيعية مختلفة. ومن ملاحظاته أنه شاهد انفصال الدخان عن السحاب ، وهو فى قلل جبال شاهقة (٣) ، ويحلل الهالة وقوس قزح فى ضوء ما رآه فى جبل مشرف جدا بين أبيورد وطوس (٤). وإذا كان قد أخذ عن أصحابه المشائين ، فإنه كان يؤثر عليهم آراء بعض الجغرافيين المتأخرين ، أمثال بطليموس ، واستطاع أن يضيف جديدا إلى التراث اليونانى فى جملته.
ولا شك فى أنه تأثر خاصة بكتاب «الآثار العلوية» (٥) لأرسطو ، وفى الكتاب الذي نقدم له ما يلتقى مع كثير من آراء أرسطو فى الرياح والسحاب والبخار والثلج والبرد ، وما يربط الجيولوجيا بالميتيورلوجيا ، وقد كانتا وثيقتى الصلة فى التاريخ القديم والمتوسط.
ففى الفن الخامس من الطبيعيات على صغره عرض واضح ، ودرس قيّم ، وهو دون نزاع همزة وصل بين العلم القديم والحديث.
__________________
(١) ابن سينا ، المصدر السابق.
(٢) ابن سينا ، المصدر السابق ، ص ٦٦ ـ ٦٧.
(٣) ابن سينا ، المصدر السابق ، أنظر أيضا الصفحات ٥٧ ، ٦٠ ، ٦١.
(٤) المصدر السابق ، ص ٦٠.
(٥) ترجم ـ فيما ترجم من كتب أرسطو الطبيعية ـ وترجم معه شرح الإسكندر الأفروديسى والأميقدورس (Olympiodo) ، واشترك فى ترجمته بشر بن متى ويحيى بن عدى. ومما يلفت النظر أن العرب لم يعرفوا منه إلا الكتب الثلاثة الأولى ، المقالات الثلاث ، وفاتهم الكتاب الرابع الذي يرجح أنه من صنع استراتون رئيس اللوقيوم الثاني بعد تيوفراسطس (ابن النديم ، الفهرست ، ص ٣٥١ ؛ القفطى ، تاريخ الحكماء ، ص ٤١ ، ٤٤).