البعد من أديم الأرض هو من أحد أسباب البرد. فإنه (١) وإن (٢) كان شعاع الشمس قد يقع أيضا على الجبل ، فلا يكون تسخينه كتسخين ما يقع على الأرض ، لعلل نذكرها فى موضع نؤخره عن (٣) هذا الموضع ، لئلا ينقطع الكلام.
على أن جوهر الحجارة أشد قبولا للبرد من الأرض الرخوة ، وإذا كانت (٤) الأحوال على ما ذكرنا ، فبالحرى أن تكون الأسباب التي تحتاج إليها السحب حتى تكثر هى فى الجبال أوفر. وذلك لأن المادة فيها ظاهرا وباطنا أكثر ، والاحتقان أشد ، والسبب المغشّى (٥) بقوة وهو الحر أقل. فلذلك ما ترى أكثر السحب الماطرة إنما (٦) تتولد فى الجبال ، ومنها تتوجه إلى سائر البلاد. وأما الأجسام المعدنية المحتاجة (٧) إلى أبخرة تكون أخلاطها بالأرضية أكثر ، وإقامتها فى مواضع لا تتفرق عنها أطول ، فلا شىء أطوع (٨) لها كالجبال ، فلذلك يتولد أكثرها بها. وأما الأرضون السهلة ، فكيف يكون فيها البقاء والاحتباس والاحتقان ، الذي بسببه يتم لها الامتزاج المؤدى إلى استعدادها لصورتها.
فهذه منافع الجبال ، ولها منافع أخرى جزئية ، نفصلها (٩) فى العلوم الطبيعية الجزئية ، مثل الطب وغيره.
ومما (١٠) يليق بهذا الموضع ، أن تعرف أصول المياه المنبعثة من الأرض.
__________________
(١) فإنه : وإنه د ، سا ، م
(٢) وإن : د ، سا ، ط
(٣) عن : من ط.
(٤) كانت : كان د ، سا
(٥) المغشى : المفشى ط.
(٦) إنما : أنها م
(٧) المحتاجة : المحتاج ط
(٨) أطوع : ساقطة من ب ، د ، سا ، م
(٩) نفصلها : تفصيلها ب ، ط ، م
(١٠) ومما : مما م.