وأما انكساغورس فإنه ينسب العلة إلى الهواء ، وذلك لأن عنده أن الأرض محمولة على الهواء يدعمها (١) انبساطا عليها ، وأن الجنبة السافلة متخلخلة ، والتي نحن عليها متكاثفة للأمطار التي تعرّى (٢) وجهها. فإذا نفذ الهواء فى التخلخل الذي بتلك الجنبة ، ثم لم يجد طريقا إلى الانفصال والصعود الطبيعى الذي له ، وذلك من (٣) الجهة التي نحن عليها ، زلزل الأرض.
وبطلان هذا المذهب يتحقق أولا بالخطإ الواقع فى هيئة الأرض ، وسبب (٤) وقوفها. وثانيا ، فما بال الزلازل إنما تكون فى أوقات بعينها من الفصول ، وهذه العلة موجودة فى سائر الأوقات؟ (٥) واقتصاره ، فى تعليل كثافة وجه الأرض على الأمطار ، عجز وقد تعرض مع الزلازل أحوال ، فربما كانت نافعة ، وربما كانت ضارة. أما النافعة ، فإن اتفق أن تشتمل تلك الرياح على مواد بخارية توجهها وتسوقها (٦) إلى جهة من (٧) الأرض ، أو تجذبها (٨) إليها (٩) مستتبعة ، فتعينها (١٠) على التفجير للأرض ، فتتفجر (١١) عيونا. وأما الضارة ، فما يعرض من أن لا تكون (١٢) المادة الريحية بهذه الصفة ، بل تكون يابسة مائلة إلى طبيعة النارية ، فتشتعل نارا عند الحركة القوية ، فإن من شأن الحركة القوية أن تحيل الدخان والبخار والهواء نارا ، فكثيرا ما تشتعل المنافخ والكيران إذا ألحّ (١٣) عليها بالنفخ نارا. فإذا كان (١٤) سبب الزلزلة قويا جدا ، خسف الأرض باندفاعه وخروجه. وربما خلص نارا محرقة ، وربما حدثت أصوات هائلة ودوى يدل على شدة الريح. فإن وجدت هذه الريح المصوتة منفذا واسعا بعد المنفذ الذي تصوت فيه ، حدث (١٥) عن (١٦) اندفاعها صوت ولم تزلزل.
ومن الدليل على أن أكثر أسباب الزلزلة هى الرياح المحتقنة ، أن البلاد التي تكثر فيها الزلزلة إذا حفرت فيها آبار وقنى كثيرة حتى كثرت مخالص الرياح والأبخرة ، قلت الزلازل بها. وأكثر ما تكون الزلازل إنما تكون عند فقدان الرياح ، لأن مواد الرياح يعرض لها الاحتباس ، وفى مثل هذه الحال كثيرا ما ترى فى الجو سحب مستطيلة
__________________
(١) يدعمها : ويدعمها ط
(٢) تعرى : تعترى ب (٣) م : + هذه د ، سا ، ط ، م
(٤) وسبب : ويسبب سا
(٥) الأوقات : الفصول والأوقات ط
(٦) وتسوقها : أو تسوقها م
(٧) م : ساقطة ب من ط
(٨) أو تجذبها : تجذبها ط
(٩) إليها : إليه د ، سا ، م
(١٠) فتعينها : وتعينها م
(١١) فتتفجر : فتفجر ب ، سا ، ط
(١٢) لا تكون : تكون م.
(١٣) ألح : تحيف د ؛ حيف سا ، م
(١٤) كان : كانت ب
(١٥) حدث : حصل سا ، حديث م
(١٦) عن : من د ، سا ، ط ، م