النار التي تدخل بيتا ما دفعة ، فإنها (١) لا تؤثر تأثيرا كبيرا ، وإنما تؤثر بالمداومة ؛ فإن المداومة تزيد كل وقت حرا إلى حر ، وتجعل الهواء أيضا شديد الاستعداد للتسخن. (٢) ولهذا ما تكون الحرارة بعد زوال الشمس فى الصيف أشد منها قبله ، (٣) والنسبة واحدة.
فهذه البلاد التي تلينا يعرض لها أن الشمس تقرب منها بتدريج يتقدمه تسخين (٤) بعد تسخين ؛ (٥) ثم إذا وازاها (٦) وحاذاها ، (٧) عرض أن يقيم عندها مدة (٨) لا تتنحى عن رءوسها ، لأن الميول عند قرب من (٩) المنقلبين تقل وتصغر جدا ؛ ثم إن كانت تسامت الرأس وتجاوزه ، (١٠) عاودت المسامتة عن قريب ، ويكون النهار أيضا طويلا والليل قصيرا ، فيدوم إلحاح الشمس عليها بالتسخين ، لكون مددها متقاربة ومع (١١) ذلك طويلة ، ومع ذلك حافظة لقرب واحد من الشمس ، فيكون الحر متجاوزا للحد.
وأما فى خط الاستواء ، فإن الشمس تبلغ المسامتة دفعة ، لأن الميول هناك تكثر وتتفاوت تفاوتا لا يؤثر إلا أثر المسامتة والمغافصة ، (١٢) ثم تبعد عن سمت الرؤوس بسرعة ، ولا تلح عليها ، وتأخذ كل ساعة تزداد بعدا إلى أن يبعد الميل كله ، غير ملحة ولا لجوج ، (١٣) ويكون النهار مساويا لليل فى الطول والقصر. ثم لا تعود إلى سمت الرأس عن قرب ، (١٤) بل إلى نصف السنة. ثم تكون (١٥) المسامتة خفيفة (١٦) على الجملة المذكورة. ثم تأخذ فى البعد ، فلا يشتد الحر جدا ، لما قلناه ، ولا يشتد أيضا البرد.
وذلك لأن بلادنا وخصوصا حيث نحن ، فقد يكون بعد الشمس فيها عن سمت رءوسنا ضعف الميل ، وزيادة بعد سمت رءوسنا عن مدار البروج. فيعرض برد شديد ، ثم يتعقبه حر شديد ، وتبتلى الأبدان بالانتقال من ضد إلى ضد. وأما هناك فلا ينتقل
__________________
(١) فإنها : فإنه د ، سا ، ط
(٢) للتسخن : للتسخين ط.
(٣) قبله : قبلها د ، سا ، ط
(٤) تسخين : وتسخن ط ؛ وتسخين م.
(٥) تسخين : تسخن ط
(٦) وازاها : زاوتها م
(٧) وحاذاها : وحاذتها م
(٨) مدة : + كبيرة د ، سا ، ط
(٩) من : ساقطة من ب ، د ، سا ، م
(١٠) وتجاوزه : وتجاوز ب ، د ، سا ، م
(١١) ومع : مع م
(١٢) المغافصة : غافص الرجل مغافصة ، أخذه على غرة [اللسان]
(١٣) ولا لجوج : ساقطة من ط
(١٤) قرب : قريب د ، ط ، م
(١٥) تكون : ساقطة من م
(١٦) خفيفة : حقيقية د.