وقد حاول بعض الطبيعيين فى تعليل ما يرى من القوس تارة نصف دائرة وتارة أقل ، فقال : إن ذلك بسبب أن الشمس إذا كانت فى الأفق كان الذي يليها نصف طوق الشمس ، وإذا ارتفعت جعل (١) ذلك ينقص شيئا. وهذا شىء لم أفهمه ، (٢) ولا اشتهيت أن أفهمه. (٣)
والقمر قد يحدث قوسا خياليا ؛ لا يكون له ألوان ، وذلك لأنه لا يكون فى العالم من الضوء ليلا ما يكون نهارا ، حتى يرى ضوء ينعكس (٤) رؤية ضعيفة مغلوبة بالضوء الساطع فى النواحى ، فيرى بعضه مثلا أحمر ، وبعضه بالخلاف ؛ بل الأشياء البراقة ، والمضيئة (٥) ، والعاكسة للنور ، ترى فى الليل رؤية (٦) واضحة جدا ، غير مغلوبة بضوء غالب. ولذلك ما كانت النار ترى فى النهار حمراء وأرجوانية (٧) منكسرة (٨) النور ، (٩) وترى فى الليل بيضاء منيرة ، وذلك بسبب غلبة ضوء الشمس فى النهار ، فيكون خيال ضوء القمر فى (١٠) السحاب أضوأ من لون السحاب فى الليل فيرى أبيض ، وخيال ضوء الشمس عن شىء بعيد منه يكون أقل ضوءا (١١) من ضوء النهار فيرى ملونا ، لا شديد الإشراق. وأما قوس الليل فإنه إنما يقع فى الأحيان وعلى سبيل الندرة ، فإنها تحتاج فى تكونها إلى أن يكون النير شديد الإضاءة حتى ينعكس (١٢) منه خياله. فإن الأشياء الضعيفة اللون لا ينعكس عنها ضوؤها (١٣) انعكاسا يظهر. وأن يكون أيضا الجو شديد الاستعداد ، فإنه إن كان قاصرا لم يؤد خيال ما ليس بذلك البالغ فى كيفيته ، وإنما يكون القمر شديد الإضاءة عند ما يتبدر فى الشهر مرة ، فيقل أن يجتمع تبدره والاستعداد التام من الجو ، فلهذا (١٤) لا تتولد قوسه إلا فى الندرة.
__________________
(١) جعل : حصل د
(٢) أفهمه (الأولى) : افهم د ، سا ، ط
(٣) أفهمه (الثانية) : أفهم ط
(٤) ينعكس : منعكس ط
(٥) والمضيئة : المضيئة ط
(٦) رؤية : برؤية ط
(٧) وأرجوانية : وأرجوانيا د ، سا
(٨) منكسرة : منكسر د ، سا ، ط
(٩) النور : اللون سا
(١٠) فى (الثانية) : عن د ، سا
(١١) ضوءا : ضوء ط.
(١٢) ينعكس : لا ينعكس سا.
(١٣) ضوؤها : صورها د ، ط ، م.
(١٤) فلهذا : ولهذا سا.