( عليه السلام ) لولده محمّد بن الحنيفة أنّه قال : يا بني لا تقل ما لا تعلم ، بل لا تقل كل ما تعلم ، فإنّ الله قد فرض على جوارحك كلّها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة ، ويسألك عنها وذكرها ووعظها وحذرها وأدبها ولم يتركها سدى ، فقال الله عز وجل : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) (١) وقال عزّ وجلّ : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ ) (٢) ثمّ استعبدها بطاعته فقال : عزّ وجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٣) فهذه فريضة جامعة واجبة على الجوارح ، وقال : ( وَأَنَّ المَسَاجِدَ للهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا ) (٤) يعني : بالمساجد الوجه واليدين والركبتين والإِبهامين ، وقال عزّ وجلّ : ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ ) (٥) يعني بالجلود : الفروج ثمّ خص كل جارحة من جوارحك بفرض ونصّ عليها ، ففرض على السمع أن لا يصغي إلى المعاصي فقال عزّ وجلّ : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ) (٦) وقال عزّ وجلّ : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٧) ثمّ استثنى عزّ وجل موضع النسيان فقال : ( وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ
__________________
(١) الإِسراء ١٧ : ٣٦.
(٢) النور ٢٤ : ١٥.
(٣) الحج ٢٢ : ٧٧.
(٤) الجن ٧٢ : ١٨.
(٥) فصّلت ٤١ : ٢٢.
(٦) النساء ٤ : ١٤٠.
(٧) الأنعام ٦ : ٦٨.