التعرض لرحمته ونجاة روحك يوم تلقاه.
وحقّ السلطان أن تعلم أنّك جعلت له فتنة ، وأنّه مبتلى فيك بما جعل الله له عليك من السلطان ، وأنّ عليك أن لا تتعرض لسخطه فتلقي بيدك إلى التهلكة وتكون شريكاً له فيما يأتي إليك من سوء.
وحقّ سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والإِقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدّث في مجلسه أحداً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوّاً ولا تعادي له وليّاً فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنّك قصدته ، وتعلّمت علمه لله جلّ اسمه لا للناس.
وأمّا حقّ سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلاّ فيما يسخط الله عزّ وجلّ فإنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأمّا حقّ رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنّهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوّتك فيجب أن تعدل فيهم ، وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزّ وجل على ما أتاك من القوّة عليهم.
وأمّا حقّ رعيتك بالعلم فأن تعلم أنّ الله عزّ وجلّ إنّما جعلك قيّماً عليهم (٥) فيما أتاك من العلم ، وفتح لك من خزانته (٦) فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله ، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقّاً على الله عزّ وجل أن يسلبك العلم وبهائه ، ويسقط من القلوب محلّك.
وأمّا حقّ الزوجة فأن تعلم أنّ الله عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأُنساً ،
__________________
(٥) في نسخة : لهم ( هامش المخطوط ).
(٦) في نسخة : خزانة الحكمة ( هامش المخطوط ).