من الظالمين والمظلومين أحد وليس كما ظننت ولا كما ذكرت ، لكن المهاجرين ظلموا من جهتين : ظلمهم أهل مكّة بإخراجهم من ديارهم وأموالهم فقاتلوهم بإذن الله لهم في ذلك ، وظلمهم كسرى وقيصر ومن كان دونهم من قبائل العرب والعجم بما كان في أيديهم مما كان المؤمنون أحقّ به منهم ، فقد قاتلوهم بإذن الله عزّ وجلّ لهم في ذلك ، وبحجّة هذه الآية يقاتل مؤمنو كلّ زمان ، وإنما أذن الله عزّ وجلّ للمؤمنين الذين قاموا بما وصف الله عزّ وجلّ من الشرائط التي شرطها الله عز وجل على المؤمنين في الإِيمان والجهاد ومن كان قائماً بتلك الشرائط فهو مؤمن وهو مظلوم ومأذون له في الجهاد بذلك المعنى ، ومن كان على خلاف ذلك فهو ظالم وليس من المظلومين ، وليس بمأذون له في القتال ، ولا بالنهي عن المنكر والأمر بالمعروف ، لأنّه ليس من أهل ذلك ، ولا مأذون له في الدعاء إلى الله عزّ وجلّ لأنّه ليس يجاهد (٢٦) مثله ، وأمر بدعائه إلى الله. ولا يكون مجاهداً من قد أمر المؤمنون بجهاده وحظر الجهاد عليه ومنعه منه ، ولا يكون داعياً إلى الله عزّ وجلّ من امر بدعائه مثله إلى التوبة والحقّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ، ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه ، فمن كانت قد تمّت فيه شرائط الله عزّ وجلّ التي وصف بها أهلها من أصحاب النبي ( صلّى الله عليه وآله ) وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم في الجهاد ، لأنّ حكم الله عزّ وجلّ في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء إلاّ من علة أو حادث يكون ، والأولون والآخرون أيضاً في منع الحوادث شركاء ، والفرائض عليهم واحدة ، يسأل الآخرون من أداء الفرائض عما يسأل عنه الأولون ، ويحاسبون عمّا به يحاسبون ، ومن لم يكن على صفة من أذن الله له في الجهاد من المؤمنين فليس من أهل الجهاد وليس بمأذون له فيه حتّى يفيء بما شرط الله عزّ وجلّ
__________________
(٢٦) في نسخة : بمجاهد ( هامش المخطوط ).