فإذا تكاملت فيه شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين فهو من المأذونين لهم في الجهاد ، فليتق الله عزّ وجلّ عبد ولا يغترّ بالأماني التي نهى الله عزّ وجل عنها من هذه الأحاديث الكاذبة على الله التي يكذّبها القرآن ، ويتبرأ منها ومن حملتها ورواتها ، ولا يقدم على الله عزّ وجلّ بشبهة لا يعذر بها ، فإنّه ليس وراء المتعرض (٢٧) للقتل في سبيل الله منزلة يؤتى الله من قبلها ، وهي غاية الأعمال في عظم قدرها ، فليحكم امرؤ لنفسه وليُرِها كتاب الله عزّ وجل ويعرضها عليه فإنّه لا أحد أعلم بالمرء من نفسه ، فإن وجدها قائمة بما شرط الله عليه في الجهاد فليقدم على الجهاد ، وإن علم تقصيراً فليصلحها وليقمها على ما فرض الله تعالى عليها من الجهاد ثمّ ليقدم بها وهي طاهرة مطهرة من كل دنس يحول بينها وبين جهادها ، ولسنا نقول لمن أراد الجهاد وهو على خلاف ما وصفنا من شرائط الله عزّ وجلّ على المؤمنين والمجاهدين : لا تجاهدوا ، ولكن نقول : قد علّمناكم ما شرط الله عزّ وجلّ على أهل الجهاد الذين بايعهم واشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنان فليصلح امرؤ ما علم من نفسه من تقصير عن ذلك ، وليعرضها على شرائط الله عزّ وجلّ ، فإن رأى أنّه قد وفي بها وتكاملت فيه فإنّه ممّن أذن الله عزّ وجلّ له في الجهاد ، وإن أبى إلاّ أن يكون مجاهداً على ما فيه من الإِصرار على المعاصي والمحارم والإِقدام على الجهاد بالتخبيط والعمى والقدوم على الله عزّ وجلّ بالجهل والروايات الكاذبة فلقد لعمري جاء الأثر فيمن فعل هذا الفعل أنّ الله تعالى ينصر هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، فليتق الله عزّ وجلّ امرؤ وليحذر أن يكون منهم ، فقد بيّن لكم ولا عذر لكم بعد البيان في الجهل ولا قوّة إلاّ بالله وحسبنا الله عليه توكّلنا وإليه المصير.
ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب نحوه (٢٨).
__________________
(٢٧) في نسخة : المعترض ( هامش المخطوط ).
(٢٨) التهذيب ٦ : ١٢٧ / ٢٢٤.