على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفافيها ووراءها وأمامها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها ، أجزأ امرؤ قرنه وآسى أخاه بنفسه ، ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، وأيم الله لو فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة ، أنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم إنّ في الفرار موجدة الله ، والذلّ اللازم ، والعار الباقي ، وإنّ الفارّ غير مزيد في عمره ، ولا محجوب بينه وبين يومه ، من رائح إلى الله كالظمآن يرد الماء ، الجنة تحت أطراف العوالي ، اليوم تبلى الأخبار ، اللّهم فإن ردّوا الحق فافضض جماعتهم ، وشتّت كلمتهم ، وابسلهم بخطاياهم ، إنّهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم ، وضرب يفلق الهام ويطيح العظام ويبدد السواعد والأقدام وحتّى يرموا بالمناسر (٢) تتبعها المناسر ، ويرموا بالكتائب تقفوها الجلائب (٣) حتى يجر بلادهم الخميس يتلوه الخميس ، وحتى تدعق (٤) الخيول في نواحي أرضهم وبأعنان مساربهم ومسارحهم.
أقول : وتقدّم ما يدلّ على بعض ذلك (٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه (٦).
__________________
(٢) المنسر : قطعة من الجيش تمرّ أمام الجيش الكبير ( الصحاح ـ نسر ـ ٢ : ٨٢٧ ).
(٣) اجلبوا : تجمعوا ، مثل احلبوا ( الصحاح ـ جلب ـ ١ : ١٠٠ ).
(٤) دعقت الخيل : اكثرت الوطء ( الصحاح ـ دعق ـ ٤ : ١٤٧٤ ).
|
(٥) تقدم ما يدل على وجوب الدعاء وكيفية الدعاء إلى الإِسلام في البابين ١٠ ، ١١ من هذه الأبواب. |
(٦) يأتي ما يدل على آداب الجهاد والقتال في البابين ٢٤ ، ٣٤ من هذه الأبواب.