براياتهم ويكتنفونها ، ويصيرون (٢) حفافيها وورائها وأمامها ، ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ، ولا يتقدمون عليها فيفردوها ، رحم الله امرءاً واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللاّئمة ، ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين ، وهذا ممسك يده قد خلّى قرنه على أخيه هارباً منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله ، فلا تتعرضوا لمقت الله فإنّ ممركم إلى الله ، وقد قال الله عز وجل : ( قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ المَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ) (٣) وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيف الآجلة ، فاستعينوا بالصبر والصدق ، فإنّما ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده ، ولا قوة إلاّ بالله.
[ ٢٠٠٥٨ ] ٤ ـ قال : وفي كلام آخر له ( عليه السلام ) : وإذا لقيتم هؤلاء القوم غداً فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم ، فإن بدأوكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار ، وعضّوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام ، وغضوا الأبصار ، ومدوا جباه الخيول ، ووجوه الرجال ، وأقلّوا الكلام فإنّه أطرد للفشل ، وأذهب للويل ووطّنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجاولة وأثبتوا واذكروا الله كثيراً ، فإنّ المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ، ويضربون حافتيها وأمامها ، وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد ، وعليكم بالتحامي ، فإن الحرب سجال لا يشتدّن عليكم كرة بعد فرة ، ولا حملة بعد جولة ، ومن ألقى إليكم السلم فاقبلوا منه ، واستعينوا بالصبر ، فإنّ بعد الصبر النصر من الله عز وجل إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
__________________
(٢) في نسخة : يصبرون ( هامش المخطوط ).
(٣) الأحزاب ٣٣ : ١٦.
٤ ـ الكافي ٥ : ٤١ ، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب.