فبالحرى أن نتأمل أنه أى انفعال ينفعل حتى يؤدى؟ أبأن تقبل من البصر قوة حياة وهو أسطقس (١) بسيط ، هذا لا يمكن. أو يصير بالبصر شافا بالفعل. فالشمس أقوى من البصر فى تصييره شافا بالفعل (٢) وأكفى ، فليت (٣) شعرى ما ذا يفعل البصر بهذا الهواء. وإن (٤) كان البصر يسخنه ، فيجب إذا برد الهواء أن يمنع الإبصار أو يبرده ، فيجب إذا سخن أن يمنع الإبصار ، وكذلك الحال فى باقى الأضداد. ولجميع الأضداد التي يستحيل بها الهواء أسباب غير البصر إن اتفقت كفت الحاجة إلى إحالة البصر وإن اتفق أضدادها لم تغن إحالة البصر أو عساه لا يحدث إشفافا ولا كيفية ذات ضد من المعلومات ، بل يحدث خاصية غير منطوق بها ، فكيف عرفها أصحاب هذا المذهب ، ومن أين توصلوا إليها. أما نحن فقد قدمنا مقدمة كلية تمنع هذه الاستحالات كلها سواء كانت (٥) منسوبة إلى خاصية أو طبيعة ، منطوق بها أو غير منطوق بها. وبعد ذلك فإنا نظن أن الهواء إذا كان شفافا بالفعل وكانت الألوان ألوانا بالفعل وكان البصر سليما ، لم يحتج إلى وجود شىء آخر فى حصول الإبصار.
ولنضع الآن أن الخارج جوهر جسمانى شعاعى كما يميل إليه الأكثر (٦) منهم فنقول : حينئذ إن أحواله لا تخلو عن أربعة أقسام : إما أن يكون متصلا بكل المبصر وغير منفصل عن المبصر ، وإما أن يكون متصلا بكل المبصر ومنفصلا عن المبصر ، وأما أن يكون متصلا ببعض المبصر دون بعض كيف كان حاله مع المبصر ، وإما أن يكون خارجا عن المبصر وغيره متصل بالمبصر (٧). فأما (٨) القسم الأول فإنه محال جدا ، أعنى أن يخرج من البصر جسم متصل يملأ نصف (٩) العالم ويلاقى الأجسام السماوية ، ثم كما يطبق الجفن يعود إليه ، (١٠) ثم يفتح فيخرج (١١) آخر مثله ، أو كما (١٢) يطبق تعود الجملة إليه ، ثم كما يفتح مرة أخرى يخرج عنها ، (١٣) حتى (١٤) كأنها (١٥) واقفة
__________________
(١) أسطقس : استقص م.
(٢) بالفعل : ساقطة من ك ، م
(٣) فليت : وليت م.
(٤) وإن : فإن ف.
(٥) كانت : كان م.
(٦) الأكثر : الأكبر م.
(٧) بالمبصر : ساقطة من م
(٨) فأما : وأما د ، ف ، ك.
(٩) يملأ نصف : بما يصف م.
(١٠) يعود إليه : فيعود إليه ك ؛ ساقطة من د
(١١) فيخرج : يخرج د.
(١٢) أو كما : وكما ك ؛ ثم كما م
(١٣) عنها : عنه ف
(١٤) حتى : ساقطة من م
(١٥) كأنها واقفة : كأنه واقف ف.